كثير من الأخصائيين النفسيين والأطباء النفسيين و كذا الاجتماعيين يمارسون بشكل أو بأخر التوعية في العديد من المجالات التي يرون أهمية العمل عليها والسعي لتغييرها في المجتمع سواء كان ذلك في مجال المخدرات والتدخين الأكثر ممارسة للقائمين على برامج التوعية أو خلافه من الموضوعات، ولكن الملاحظ أننا كمتخصصين نمارس هذه الأساليب مثلنا مثل غيرنا من رجال الدين أو الفكر أو أطباء العموم في تقديم معلومات جامدة جافة عن الظواهر دون تفسير لهذه السلوكيات أو تفسير لآليات تفاعلها مع الحياة. فمثلاً التوعية بأضرار التبغ بكافة صوره وأشكاله يمارسها عدد ليس بقليل من المتخصصين النفسيين من الفئات السابقة الذكر ولكنهم ومع كل آسف لا يختلفون كثيراً عن غيرهم من رجال الدين أو ممارسي التوعية من الفئات الأخرى يذكرون أضراره الصحية والنفسية والاجتماعية ويطرحون جملة من الأسباب التي يسوقها عامة الناس لا متخصصين ومنها مثلاً الصحبة أو القدوة … الخ ناسين أو متناسين أن هذه جميعاً لا تعدو كونها مثيرات تدفع للتعاطي وليست مسببات بمعناها اللغوي ولو كانت كذلك لكان كل صديق مدخن هو بالضرورة مدخن وهذا خلاف للواقع فكم من أصدقاء سوء ليسوا مدخنين وهذه ليست دعوة لمصاحبة أصدقاء سوء أو مدخنين، وكم من أبناء مدخنين بل مدمني مخدرات وهم قدوة لأبنائهم لكنهم ليسوا سواء. فالسبب يصبح حتمي النتيجة والمثير يصبح دافع للنتيجة وليس حتمي وبهذا فالمتخصص ملزم أن يتميز بهذا الطرح مستخدماً مكونات السلوك المعرفي القائم بين مثير وإدراك أو مصفي للمثيرات إذا جاز التعبير و من ثم استجابة حسب إدراك المثير وطريقة التعامل معه فإن كان الإدراك للمثيرات إيجابياً قلل ذلك من تأثيره وجعل الاستجابات إيجابية متمشية مع السواء بالحكم الاجتماعي والبيئة، وإن كان إدراك سلبي كانت النتائج سلبية وهنا يكون سبب السلوك هو إدراك الشخص لا المثير في ذاته. وهذا يجعل التوعية تأخذ جانباً علاجياً متميزاً في تنمية الإدراك الايجابي للمثيرات وإن كانت سلبية. وبهذا الطرح للمعالجين المعرفيين نكون قد قدمنا منهجاً معرفياً متخصصاً في التوعية ويميل لأن يكون علاج جمعي مؤثر. نحن يجب أن نقدم طرح متميز ومنفرد ومتخصص يقوم على التفسير الحقيقي للسلوك فالناس لا تزال في تساؤل: لِـمَ يعرف الناس أضرار وحرمة التبغ ولا يزالون يتعاطون؟ فالمعلومة لا تكفي أن يقدمها متخصصي علم النفس. وهذا هو محور حديثي القادم بإذن الله تعالى.

 

أخوكم / أبو حســــــن – سليمان الزايدي