في البداية يجب الإشارة إلى أن تناول موضوع العلاجات النفسية يعتبر حديث في مجال علم النفس عموما  والإختصاص العيادي خصوصا، و ربما ذلك يرجع إلى كون أن العلاج النفسي يعتبر موضوعا شاسعا جدا من جهة، و من جهة أخرى ، تتشعب التيارات و المدارس المتناولة لماهيته.

هذا كله، إضافة إلى كون العلاج النفسي يعتبر الخطوة الأخيرة في علم النفس أي زبده العلاقة التي تبدأ منذ أول خطوة يقوم بها العميل (نستعمل مصطلح العميل le patient بدل المريض في ميدان الطب النفسي) عندما يأتي طالبا يد المساعدة… هذه الأخيرة التي يعتبرها البعض من علماء النفس أمثال هنري جكبسون Henri   Jakobson  أول دليل على قدرة العميل و رغبته في الحصول على العلاج.

 

و تاريخ علم النفس يثبت أن هنالك الكثير من الحالات شفيت بمجرد معايشة الجلسة الأولى و التي تعتبر جلسة تمهيدية لا أكثر،  بحيث أننا نتعرف على العميل و ندون معطياته البيوغرافية و شكواه الرئيسية .

و في هذا السياق نذكر قصة حدثت لإحدى عالمات النفس تدعى كارن هورني التي كانت من رائدات علم النفس الطفل و العلاج بالرسم بحيث أنه كانت هنالك فتاة لا تتكلم (بكماء) و هذا لمدة طويلة . و في أحد الأيام سمعت والدتها أنه هناك طبيبة نفسية فعالة و ذات سمعة طيبة في شفاء المشاكل السلوكية عند الأطفال فذهبت عندها و في أثناء الحديث بدأت الطفلة تلعب و ترسم و الأم تحكي للطبيبة حالة ابنتها المهم في أثناء الحديث قالت أن حالة ابنتها بدأت منذ أن ازداد أخاه الصغير و هنا انتبهت كارن إلى فكرة الصراع الأوديبيو إعتبرتها فرضية لمشكلة الطفله فبدأت في استفزاز الفتاة بالحديث عن رغبتها في أن تكون فتى أو في مكان أخاها، و هنا و بدون سابق انذار تكلمت الفتاة قائلة لأمها هيا لنذهب من عند هذه الطبيبة المزعجة …

المهم ذكرنا هذه القصة في سياق الحديث عن دور المقابلة الأولى و أهميتها في المسيرة العلاجية…..

 

بالعودة للموضوع أود أن ننوه إلى أن العلاج النفسي يعتبر من أحدث المجالات في علم النفس ففي الدول المغاربية مثلا يكاد ينعدم أهل اختصاصه أي المعالجون النفسانيون les psychothérapeutes وإن إقتصر الأمر على مجموعة قليلة جدا تلقت تكوينا في الخارج في مراكز بفرنسا و بلجيكا تقدم هذا الاختصاص و تتدعم تكوينه و أما الدراسات العليا فتكاد تنعدم …

و يعتبر العلاج النفسي في ثقافتنا بحكم ديننا الإسلامي من أهم مميزات العلاقات الاجتماعية فمد العون و فك الأزمة عن المسلم من خلق أخيه المسلم، هذا بالإضافة إلى مجمل مبادئ العلاجية الحديثة نستطيع القول عنها أنهاأغلبها مستوحاة من الثقافة و الحضارة الإسلامية.

و تجدر الإشارة إلى أن فكرة المستشفيات المتخصصة في الطب العقلي و التي أنشأها الطبيب الفرنسي pinel استوحى فكرتها من سرايا أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ….

 

و العلاج النفسي كما ذكرنا يعتبر الخطوة الأخيرة في العلاقة الثنائية بين المختص و العميل و هو يختلف باختلاف الحالات و قد يمتزج بمجموعة من العلاجات أو يقتصر على نوع واحد …

و يرجع تاريخ العلاجات النفسية إلى بدايات القرن التاسع عشر و ظهور الاهتمام بالأمراض النفسية و يعتبر أول علاج استعمل في هذا المجال هو العلاج بالاستشفاء thérapie d’hospitalisation و معناه الايداع بالمستشفى و التي تطورت في ما بعد في أواخر الثلاثنيات إلى ما يسمي بالعلاج المعهدي La thérapie institutionnelle  والمغناطيسي l’hypnothérapie و التي انشأت من طرف mesmer لتبلغ ذروة تطورها على يد الطبيب شاركو الذي تتلمذ على يدية أب التحليل النفسي سغموند فرويد freud … و ختام مقالنا أن العلاج النفسي مهما تعددت خصائصه و تمايزت تقنياته فهو يتشرك في خاصية كونه علاقة مساعدة و سند من طرف شخص مؤهل لشخص يحتاجها، و بفضلها قد يصل إلى حالة التوازن التي إفتقدها جراء مرضه النفسي.

 

حمزة ل