اضطرابات العلاقـة الزوجيـة..آثارها..كيف نحافظ عليها.. و دور الإرشاد الزواجي في التخفيف

في هذا المقال سنتحدث إن شاء الله عن كيف نحافظ على علاقة زوجية دائمة، كذلك طبيعة العلاقة الزوجية و خصائصها، كما نعرج على أثار اضطراب هذه العلاقة على الحية الزوجية، ثم نختمها إن شاء الله بدور الإرشاد في التخفيف من المشكلات الزوجية.

 

I. كيف نحافظ على علاقة زوجية دائمة:

هناك ثلاث عوامل رئيسية لجعل العلاقة متينة:

1. الإلتزام:

معظم الكتاب حول الحب يعتبرون الالتزام ضروريا لدوام علاقة الحب، منهم “ستنبرغ” Steinberg 1988. فالالتزام بالعلاقة يؤدي إلى الثقة و الأمان و الاستقرار في العلاقات الحميمية، و أهم شكل متعارف عليه من طرف المجتمع للجمع بين الأزواج، هو الزواج الذي هو إعلان عن التزام بين الأزواج.

2. التوافق:

على الأزواج أن يتكيفوا مع بعضهم البعض في العادات و الحاجات و الأهداف و ما يحبونه و ما يكرهونه و حتى في مزاجهم.

فالعلاقات تتضمن دائما التوافق، إن تعلم كيفية تقاسم أشغال البيت و تقاسم الجريدة و الحمام و المعاملات المالية، قد يكون أصعب من تعلم تقاسم الفراش.

لقد بينت البحوث أن الأزواج الذين لا يشعرون بأنهم متساوون في الواجبات و الحقوق، هم أقل رضا في زواجهم من الأزواج الذين يشعرون بالمساواة في علاقاتهم، منها دراسة “فليشر” و آخرون Flecher&al 1987.

فكلما تطورت العلاقات يصبح الاحتفاظ بالمساواة مصدرا لتوافق مستمر و تكيف متبادل.

3. الاتصال:

إن احد أهم أشكال التوافق هو كيفية الاستجابة للصراع و التعاسة في علاقة ما. فقد كشف الباحثون “رازبولت” و آخرون Rusbult et Al 1989، عن أربع طرق يتعامل بها الأزواج في العلاقات الغير مرضية:

·  هجر العلاقة عن طريق الطلاق:

إن زوال الحواجز الاجتماعية، جعل الطلاق سهل المنال في العشرين سنة الأخيرة حسب “جلان و كرامر” Glen&kramer 1987.

·   الإهمال:

إن إهمال العلاقة و التصرف بسلبية يزيد من تدهور العلاقة، وهذه الطريقة أكثر انتشارا عند الرجال.

·    الصبر:

تتمثل في الخوف من مواجهة المشكل و الانتظار بسلبية ريثما تتحسن الأمور من تلقاء نفسها و هذه الطريقة أكثر انتشارا عند النساء.

· الاتصال:

بذل الجهد للاتصال و معالجة المشكل، فالاتصال هو العلاج الفعال و البناء لعدم الرضا. فقد بينت البحوث منها دراسة “كيرديك” kurdeck 1991، أن الأزواج الغير سعداء يرون أن مشاكل الاتصال هي من أهم العوامل التي ساهمت في تحطيم علاقاتهم.

لقد حدد “بك” Beck 1988، في كتابه “الحب وحده لا يكفي”، عددا كبيرا من مشكلات الاتصال مثلا: أحيانا نفشل في التعبير عن مشاعرنا أو شرح ما نريد قوله، معتبرين أنه على الطرف الآخر أن تكون له القدرة على فهم إشاراتنا الداخلية و الغير لفظية، إذا كان فعلا يحبنا، و أحيانا أخرى نعتقد أننا نعرف في ماذا يفكر الطرف الآخر و نقفز إلى نتائج خاطئة.

كذلك تحدثت “تانن” Tannen 1990، عن الاختلاف بين الجنسين في الاتصال و الذي يؤدي إلى مشكلات في العلاقات. خصوصا بالنسبة للنساء و الرجال الذين نشئوا في بيئة تقليدية تحدد الأدوار حسب الجنس.

مثلا النساء يردن التحدث عن مشاعرهن بينما الرجال يريدون حل المشاكل. كذلك يكون الرجال أقل ميلا لطرح أسئلة شخصية و التعليق أثناء النقاش، بينما تستعمل النساء هذه الأمور و بعض الأساليب “هم…هم” للحفاظ على استمرارية الحديث. فهذا الاختلاف في الأساليب حسب الجنس، يجعلنا نتفهم شعور المرأة بأن الرجل لا يهتم لما تقوله و لا يستمع لها.

و قد لخــص “بيك” Beck 1988، الاختلاف بين الجنسين في المحادثة كما يلي:

§ يبدو أن المرأة تعتبر الأسئلة طريقة لاستمرار الحديث، بينما يعتبرها الرجل طلبا للمعلومات.

§ تحاول المرأة الربط بين ما قاله الرجل و ماذا ستقوله.

§ لا يتبع عموما هذه القاعدة و يبدو غالبا جاهلا التعليق السابق لزوجته.

§ تعتبر المرأة العدوانية من الزوج، هجوما يؤدي إلى اضطراب العلاقة، بينما يعتبرها الرجل شكلا من أشكال الحديث.

§ تميل المرأة إلى التحدث عن المشاعر و الأسرار، بينما يفضل الرجل مناقشة أشياء أقل خصوصية كالرياضة و السياسة.

§ تميل المرأة إلى مناقشة المشكلات، تقاسم تجاربها، و منح الشعور بالأمان.

§ يميل الرجل إلى سماع المرأة كأي رجل يناقش المشكلات للبحث عن حلول لها بدلا من إظهار الاستماع الودي فقط. (فيليب شالك Philipchalk 1995، ص381)

 

II.   طبيعة اضطراب العلاقة الزوجية:

يدخل معظم الناس علاقات حميمية في فترة ما من حياتهم بغض النظر عن البلد أو الثقافة، ففي المجتمعات الغربية أكثر من 90% من السكان يتزوجون حوالي سن 50 حسب دراسة “ماكدونالد” Mc Donald 1995.

و يعيد الزواج حوالي 75% من المطلقين بعد ثلاث سنوات من زواجهم الأول حسب دراسة “فيرستنبارغ” و “سبانييه” Fürstenberg&Spanier 1984حيث تعتبر العلاقات الحميمية بين الأزواج أفضل أشكال إشباع حاجات الفرد للحنان الصحبة و الإخلاص و العاطفة و الجنس، و هذا حتى بالنسبة لمن سبق لهم أن خبروا علاقات غير مرضية.

بالنسبة لبعض الأزواج زوال الرضا مرتبط بمشكلات ذات دلالة في العلاقة و لكن لأسباب متعددة يقرر الأزواج البقاء مع بعض. فالكثير من المعلومات متوفرة عن ما يفعله الأزواج للحفاظ على علاقات مرضية.

من بين الخصائص المحددة بشكل كبير و التي ترتبط بالرضا الزواجي ما يلي:

o   الخاصية الأولى:

وجود مستوى عال من الإيجابية في التفاعل الزواجي. فالأزواج السعداء يقضون وقتا أكثر مع بعض و يسلكون بإيجابية اتجاه بعضهما البعض مقارنة بالأزواج غير السعداء حسب دراسة “وايس” و آخرون Weiss&al 1973.

أبعد من ذلك فإن الأزواج السعداء مقارنة بغير السعداء يسلكون بإيجابية حتى إذا كان الطرف الآخر سلبي اتجاههم كما بينت ذلك دراسة “جاكبسون” و آخرون Jacobson&Al 1982.

إن اقتسام الإيجابية عند الأزواج السعداء هو مماثل لوضع حساب في البنك، مع مرور الوقت يتكون استقرار في مستوى القرض، مما يسمح للطرفين عدم تبادل السلبية، و بالعكس، الأزواج التعساء، الذين لديهم تبادل ضئيل في التبادل الإيجابي فإن قرض حساب علاقاتهم سيكون ضئيلا أو منعدما،و بالتالي فإنهم يميلون إلى تبادل السلبية.

o   الخاصية الثانية:

المحددة لاضطراب العلاقة الزوجية هي الاتصال الغير فعال في حل الصراعات، فعند مناقشة مواضيع الصراع فإن الأزواج الذين لديهم مشكلات ينتقدون نبعضهم البعض و يفشلون في الاستماع بفعالية لبعضهم البعض.

و يميلون إلى الانسحاب من بعضهم البعض و لا يستخدمون أسلوب حل المشكلات الإيجابي. فعند مناقشة المواضيع التي تثير الصراع، لا يميلون إلى اقتراح الحلول الممكنة للمشكلات، و غالبا ما يرفضون مناقشة هذه المواضيع و ينسحبون إلى غرفة أخرى أو يتركون البيت. فهناك دائما نفس الصراع حول نفس المواضيع، الصراع الذي لا يؤدي إلى أي تغيير إيجابي في العلاقة.

o    الخاصية الثالثة:

إن الأزواج الغير سعداء ينظرون إلى أزواجهم نظرة سلبية مقارنة بالأزواج السعداء. فهم غالبا ما يرجعون بصورة انتقائية السلوكات السلبية لأزواجهم و ينسبون هذه السلوكات السلبية إلى خصائص ثابتة و شاملة من الشخصية. ففي العلاقة المتوترة عندما يدخل الزوج متأخرا فإن الطرف الآخر يدرك هذا السلوك إنه شخص أناني عموما لا يهمه أمر العائلة، بينما في العلاقة المرضية، يدرك على أنه شخص يبذل مجهودا جبارا من اجل العائلة.

عند الأزواج الغير سعداء تنبئ الأفكار السلبية حول الطرف الآخر بسلوك مستقبلي، بمعنى آخر، الأزواج المتوترون  يستجيبون لإدراكاتهم الذاتية في تفاعلهم الزواجي و التي غالبا ما تكون مشوهة.

o     الخاصية الرابعة:

البنية المعرفية السلبية للعلاقة، حيث عبر الوقت يطور الأشخاص إدراكا عاما للطرف الآخر و علاقاتهم. فعند الأزواج السعداء تتميز بالمشاركة و الإدراك الإيجابي للعلاقة و تاريخها، بينما تتميز عند الأزواج الغير سعداء بشعور سلبي حول العلاقة و تاريخها. فكل الأزواج يميلون لإدراك و تذكر أحداث العلاقة بطريقة تتناسب مع بنيتهم المعرفية للعلاقة.(جوتمان و كاتز Gottman& Katz 1992، ص5)

بمعنى آخر الأزواج السعداء يدركون بصفة انتقائية تفاعلات العلاقة على أنها إيجابية بينما يدركها الأزواج التعساء على أنها سلبية.

من هنا نطرح التساؤل التالي: هل هذه الخصائص المحددة للزواج المتوتر هي أسباب أو نتائج أو مشكلات علائقية ؟

يبدو انه من غير المحتمل أن أيا من هذه الخصائص هي فقط آثار للتوتر الزواجي بما أن كل خاصية تبين أنها قادرة على التنبؤ بتدهور الرضا عن العلاقة مستقبلا. كما أظهرت ذلك دراسة “كارني و براد بوري” karney&Bradbury 1995.

من جهة أخرى بينت دراسة “جوتمان”Gottman 1993 أن تقدير مهارات الاتصال عند الأزواج أثناء مناقشة مواضيع الصراع في علاقاتهم أيضا تنبئ بخطر تدهور العلاقة و الطلاق.

أما دراسة “فينشام” Fincham 1990، فقد بينت أن الأفكار السلبية حول القرين تدل على توتر العلاقة و تنبئ بتناقص الرضا عنها.

كما وجدت دراسة “هافير” Haver 1989، أن الاعتقادات حول العلاقة و البنية المعرفية عند الأزواج تنبئ بخطر تدهور الرضا عن العلاقة و الطلاق في المستقبل.

 

III.    آثار اضطراب العلاقة الزوجية:

أكدت دراسات عديدة أن الزواج الناجح يؤدي إلى الصحة و السعادة و الصحة النفسية منها دراسة “مايرز” Myers 1992.و لكن ماذا يحدث عندما تفشل هذه العلاقة ؟ حاول الباحثون “بومايستير” و آخرون Baumeister&Al 1993 الإجابة عن هذا السؤال، ففي الدراسة الأولى طلب الباحثون من الطلبة ذكر مرحلة في حياتهم، عندما كانوا مغرمين بشخص لا يبادلهم نفس الشعور، كما طلبوا منهم عكس الوضعية أي أن شخصا مغرما بهم و هم لا يبادلونه نفس الشعور. ثم فحصت إجابات الطلبة من طرف محكمين مستقلين، و وضعوا لها رموزا تتمثل في أنماط عاطفية، و في دراسة أخرى ذكر الطلبة نفس المواقف من الحب الغير متبادل، و وضعوا بأنفسهم تقديرات لاستجاباتهم العاطفية.

في الدراستين وجد الباحثون أن الحب الغير متكافئ يميل إلى أن يكون تهديدا مهين لتقدير الذات عند المحبين المخذولين.

المحبون المخذولون يحاولون رفع تقديرهم لذواتهم، بالتأكيد على أن الانجذاب كان متبادلا، وأنهم استمروا في حبهم، وأن الرفض لم يعبر عنه أبدا بصفة قطعية.

أما الرافضون للعلاقة فيشعرون بالذنب و الغضب، كما أنهم يشعرون بالسرور نوعا ما، و يعتقدون أن المحبين كانوا يتدخلون و مزعجين و محبطين و غير عقلانيين. من الواضح أن الحب الغير متبادل هو تجربة ضاغطة.

أبعد من ذلك يؤدي اضطراب العلاقة الزوجية إلى القلق و الاكتئاب و العصابية نتيجة لفشل الزوجين في مواجهة حاجات و توقعات بعضهما أو الصعوبة في تقبل كلاهما للفروق في العادات و الآراء و الرغبات أو الصراعات المتعلقة بالمال أو أسلوب تربية الأبناء إلى جانب الفشل في العلاقات و عدم القدرة على التعبير عن أفكارهم لبعضهم البعض بوضوح أو التعارض بين اتجاهات الزوجين، كل ذلك يشبع الإطراب النفسي و الإحساس بفراغ الحياة.

كما أكدت “نورفل” 1982، أنه كلما كان الزواج حسنا، زادت سعادة المرأة المتزوجة، في حين أن سعادة الرجال تتأثر بنواحي أخرى غير أسرية، أما عدم التوافق الزواجي و ما يتبعه من عدم الإشباع العاطفي، إلى جانب النزاعات الزوجية، و المشاعر السلبية، و احتمال الانفصال بين الزوجين إذا وصلت الأمور إلى درجة عالية من سوء العلاقة بين الطرفين و استحالة استمرار الرابطة بينهما، ففي مثل هذه الحالات يشيع الشعور بعدم الأمان و القلق، و الاكتئاب، و الإرهاق العصبي، وعدم الاتزان النفسي و الوجداني و الخوف من المستقبل، و الشعور بالضياع، و عدم القدرة على تحمل التبعات إزاء شريك الحياة و إزاء الأطفال،  والتناقض بين الواقع الذي يعيش فيه الفرد و بين آماله و تطلعاته، كل هذه الظواهر تشكل دوافع قوية للتوتر النفسي و القلق و الاكتئاب لدى الأفراد الغير متوافقين زواجيا من الجنسين.

من جهة أخرى توفر العلاقة الزوجية المستقرة على المدى البعيد لكل طرف، مواجهة الآثار السلبية لضغوطات الحياة. فقد أظهرت دراسة “فلويد و زميش” Floyd&Zmich 1991 أنه في حالة الوالدين الذين لديهم أطفالا معاقين و يكونون راضين عن علاقاتهم الزوجية يكون لديهم اكتئاب أقل و علاقات إيجابية أكثر مقارنة بأمثالهم من الغير سعداء في زواجهم.

كذلك وجدت دراسة “غور” Gore 1991 أن الأشخاص السعداء في زواجهم يقاومون بشكل أفضل من الأزواج الغير سعداء البطالة المفاجئة الغير متوقعة.(هال فورد و آخرون. Halford&Al 1997. ص6)

فالتوتر في الزواج مرتبط بالاضطراب النفسي الفردي عند أحد الطرفين مثلا: الأزواج الذين يأتون للعلاج الزواجي لديهم نسبة كبيرة من الإدمان على المخدرات حسب دراسة “هالفورد” و “أسغاربي” Halford&Osgarby 1991.

و من جهة أخرى الأشخاص الذين يأتون للعلاج من الإدمان لديهم مستويات عالية من إضطراب العلاقة الزوجية حسب دراسة “بلانكفيل” Blancfiel 1990.

و يرتبط الاكتئاب عند النساء و اضطراب القلق عند الرجال بشكل خاص ارتباطا قويا باضطراب العلاقة الزوجية.

إن الارتباط بين الاضطراب النفسي للفرد و اضطراب العلاقة لا يعني فقط مشكلات الفرد تؤدي إلى مشكلات زوجية، حيث أن اضطراب الزواج غالبا ما يؤدي إلى مشكلات الإدمان على الكحول، و يزيد من تناقص فرص مواصلة العلاج عند المدمنين على الكحول. كما بينت ذلك دراسة “هافير” haver 1989.

كما أن طول مدة الصراعات الزوجية هي من أكثر العوامل التي تؤدي إلى الاكتئاب عند النساء كما أنها مرتبطة بضعف مآله كما أظهرت ذلك دراسة “بوزانفيل” و آخرون Bousanville&Al 1979.

كما أن العنف بين الأزواج منتشر في العلاقات المضطربة و يترك لديهم آثارا خطيرة من الناحية النفسية و الجسمية، خاصة على النساء كما بينت ذلك دراسة “فيفيان” و آخرون Vivian&Al 1992.

و تزداد مخاطر العنف الجسدي إذا كان أحدهما مدمنا على الكحول حسب دراسة “ميرفي” Murphy 1995.

كما يرتبط الزواج المضطرب بضعف الصحة الجسمية و هذا لكون الأزواج غير السعداء أكثر عرضة لتناول الكحول والتدخين للهروب من المشكلات الزوجية مما يؤثر على صحتهم الجسمية، فالزواج السعيد يوفر للأزواج القوة على مواجهة ضغوطات الحياة و ينقص من آثارها السيئة على الصحة الجسمية.

و لا تقتصر الآثار الوخيمة لاضطراب العلاقة الزوجية على الأزواج بل تمتد للأبناء حيث تؤثر بشكل كبير على الأطفال خصوصا الصراع الحاد بين الوالدين فهو مرتبط بنسبة كبيرة بمشكلات السلوك و عدم التكيف عند الأطفال.

كما بينت ذلك  “هدية” 1998، في دراستها حول (الفروق بين أبناء المتوافقين زواجيا و غير المتوافقين في كل من درجة العدوانية و مفهوم الذات دراسة للأطفال من 10 إلى 12). فقد بينت النتائج أن سوء التوافق الزواجي له دور كبير و سلبي على كل من العدوان و مفهوم الذات للأبناء من الجنسين حيث كانت الفروق ذات دلالة إحصائية بين أبناء المتوافقين في كل من درجة العدوانية و مفهوم الذات.

ذلك أن الصراعات الزواجية تخلق جوا متوترا و تدعم المناقشات الحامية المستمرة بين الوالدين أحاسيس الطفل بعدم الأمان بل و يشعر الطفل الذي تسود في أسرته مشكلات زواجية بقدرة أقل في التعامل مع المخاوف الطفولية العادية و يشعر أيضا بالعبء النفسي بسبب هذه المشكلات التي لا يستطيع فهمها أو التي يسيء فهمها، و يبالغ الأطفال في هذه المشاعر إذا ما أدركوا عدم قدرة الوالدين على التعامل معها. مما ينعكس على أحاسيس الطفل اتجاه ذاته ، بل قد يشعر في بعض الأحيان أنه المسئول عن ما يعانيه الوالدين و يؤثر هذا بدوره على مفهومه لذاته فيتبنى مفهوما سلبيا عن نفسه مما يمهد المسرح إلى ظهور أشكال من السلوك الغير سوية مثل السلوك العدواني.

و تؤكد هذه النتائج وجود على بين التوافق الزواجي و التوافق النفسي للأبناء كما أكدت ذلك دراسة “المزروعي” 1990، التي أكدت وجود فروق بين أبناء المتوافقين زواجيا و أبناء الغير متوافقين في بعض سمات الشخصية مثل الاتزان الانفعالي و الاستقرار المزاجي و الثقة بالنفس.

و دراسة “باك” Back 1988، التي تؤكد الارتباط بين أبعاد توافق الأطفال و مظاهر محددة من التوافق الوالدي، و إلى ارتباط أبعاد السلوك العدواني للأطفال و بين كل من التوافق الزواجي و العدائية الزوجية. كما أن هناك دراسة في نفس السياق قام بها “سعدان” 1992.

 

IV.  دور الإرشاد في التخفيف من المشكلات الزواجية:

إذا كان اضطراب العلاقة الزوجية يؤثر على صحة الزوجين النفسية و الجسمية و على صحة الأبناء، فإن الأمر يستدعي البحث عن حلول للحد من هذه الآثار السلبية حيث تشير بعض المصادر منها “فين” Fine 1981 أن 80% من الأمريكيين هم مضطربون انفعاليا، منهم 25% بشكل واضح، و إذا كانت نسبة الاضطراب عالية في المجتمعات الأخرى حسب “ليتون” Leighton 1963 فهل هناك طريقة لتحسين درجة الإشباع و المتعة في الحياة الزوجية ؟

و يؤكد “سترين” Srean 1985: ” إذا كان عدم الرضا الزواجي عرض للمشكلات العصابية المنتشرة في المجتمع الغربي و المجتمعات الأخرى، فإن أكثر الطرق أهمية لتحسين الزواج سيكون بإحداث تغيرات نفسية عند الأفراد، إن هذا عمل طموح جدا لكنه واعد. ففي المجتمعات التي يكون العلاج النفسي سائدا فيها فإن الأفراد هم أكثر سعادة و الحياة الزوجية هي أكثر إشباعا”. ذلك أن التوتر من مشكلة يدل على الصحة مقارنة بعدم التوتر، فالأزواج الذين يتجاهلون حاجاتهم للعلاج النفسي هم غالبا يستعملون الإنكار  أو القمع.

إن الإرشاد الزواجي أزو أي شكل آخر من أشكال العلاج النفسي لا ينبغي أن يكون هدفه علاج الأفراد المرضى، و لكن على الممارسين مساعدة العملاء إلى الوصول إلى التحليل المثالي الذي يفترض أن الرجال و النساء يمكنهم تحقيق سعادة أكثر إذا أحبوا وكان لديهم علاقات جنسية و لذات أخرى و يشعرون بمشاعر إنسانية و يتحكمون بالعقل و لديهم دور عائلي و دور في الهيئات الاجتماعية و لديهم صورة جيدة عن الذات و لديهم القدرة على الاتصال و الإبداع و العمل وخالين من الأعراض المرضية.

فقد بينت دراسات عديدة أهمية التدخل الإرشادي لمساعدة الأزواج الذين يعانون من مشكلات في علاقاتهم الزوجية. فقد نذكر دراسة على سبيل الذكر لا الحصر قام بها “عبد الرحمان” 1980، عن أثر ممارسة طريقة خدمة الفرد، على تخفيف حدة النزاعات الزوجية، في تعديل دور العامل كزوج و تغلب الزوجات على هذه النزاعات الأسرية، و ذلك على عشر حالات و توصلت إلى أن تدخل طريقة خدمة الفرد من خلال سيكولوجية الذات و الدور الاجتماعي، يؤدي إلى تخفيف حدة النزاعات الزوجية مما يؤثر على الكفاءة الإنتاجية.

 

 

بوعلام قاصب/ أخصائي نفساني

المراجع:

د. بلميهوب كلثوم ” الإستقرار الزواجي”، جامعة الجزائر