( حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)

نملة تسكن في وادي النمل .. أدركت خطرا يهددهم إن لم يتصرفوا .. تولت مهمة البلاغ (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) وبينت السبب (لا يحطمنكم سليمان وجنوده) واعتذرت عنهم قائلة ( وهم لا يشعرون ) ولو سكتت عن الاعتذار شُكر لها .. والشكر مع التقدير لها على حسن نيتها وعدم خوضها في مقاصد القوم.

إن قراءة الأفكار من التشويشات المعرفية التي لها آثارها السلبية على المشاعر “هو يقصد أن يسيء إلى … هي تريد أن تغيظني … أعلم أن نواياه سيئة …” إلى غيرها من الألفاظ والعبارات التي يجمع بينها سوء الظن بالآخرين وقراءة أفكارهم وتأويل الأفعال والأقوال بما تهواه النفس… فقد يغضب إنسان لتوقعه أن صاحبه قصد إهانته بكلمة قالها ، والآخر يحزن لأنه اعتقد أن الآخرين يعتقدون أنه فاشل .. وسلسة لا تنتهي من التفسيرات والبعض قد يتصرف وفقا لتفسيراته النووية (بدليل أو بغير دليل) تصرفات قد يندم عليها أو تسيء له.

ولنا في قصة أسامة عبرة وعظة .. عندما قتل شخصا في حرب بعد نطقه للشهادة واعتذر لرسول الله (إنما قالها تعوذا من القتل) فغضب رسول الله غضبا شديدا وقال: (هلا شققت عن قلبه؟؟؟؟) فلذلك ليس لناإلا الظاهر، وقراءة الأفكار والخوض في النوايا ليس من صلاحياتنا ، ولنحسن الظن ، فإنَّ الخطأ في التأويل الحسن أهون أثرا وأخف وقعا من الخطأ في التأويل السيء    ..