.. كيف وهي مصيبة؟! … من الأوجه المشرقة لأي مصيبة تمر على الإنسان ، أن المصيبة والحادث الصادم هي مفتاح لخير بعدها ، لأن الخير العظيم الذي بعدها ما كان لو لم تكن هذه المصيبة.. وسأوضح بقصص من عهد النبوة..

أول القصص هي قصة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها. مارواه الإمام أحمد عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله فقال : لقد سمعت من رسول الله قولا سررت به. قال : (لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول : اللهم أجُرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا فعل ذلك به)، قالت أم سلمة : فحفظت ذلك منه ،     فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت : اللهم أجُرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، ثم رجعت إلى نفسي ، فقلت : من أين لي خير من أبي سلمة؟ …. وبعد انقضاء عدتها خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها ، وأبدلها الله خير من أبي سلمة رسول الله …

 

أما الثانية فهي قصة ذات الوشاح.. عن عائشة رضي الله عنها: أن وليدة كانت سوداء، لحي من العرب ، فأعتقوها فكانت معهم، قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور ، قالت فوضعته ، أو وقع منها ، فمرت به حدياة (طير) وهو ملقى ، فحسبته لحماً فخطفته ، قالت: فلتمسوه فلم يجدوه ، قالت فاتهموني به ، قالت فطفقوا يفتشون حتى فتشو قبلها، قالت : والله إني لقائمة معهم ، إذ مرت الحديَّاة فألقته ، قالت: فوقع بينهم ، قالت : فقلت: هذا الذي اتهمتموني به ، زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا هو ، قالت : فجاءت إلى رسول الله فأسلمت ، قالت عائشة : فكان لها خباء بالمسجد أو حفش قالت : فكانت تأتي فتحدِّث عندي ، قالت: فلا تجلس عندي مجلسا إلا قالت: ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني.

 

هل توقعت أم سلمة وهي عند أبي سلمة أن تصبح أماً للمؤمنين؟؟ وأن تكون عند رسول الله ؟؟ وهل سيكون لها ذلك لو لم يمت أبي سلمة؟؟ فموت أبي سلمة مصيبة ولكن ليس شرا محض بل هو مفتاح يسر لها الزواج من رسول الله وسيد ولد آدم .. وذات الوشاح أحبت القوم الذين عاشت معهم سنينا .. أعتقوها وبقيت معهم .. ولو بقيت معهم ما حييت لم تسلم ، فقصة الوشاح هي مصيبة نعم .. ولكنها مفتاح لخير .. وليس مجرد خير بل انقاذ لها من النار حيث أسلمت.. تهويل الأمور يزيدها سوءا … وقد تكون سيئة عظيمة ولكن .. عند حلول المصيبة فلنتفائل بالخير الذي سيأتي بعدها ، ولنعلم أنها مفتاح لخير عظيم ، ولكن لننتظر الخير ولا نستعجل، والمهم أن نردد الدعاء عند حلول أي أمر يضايقنا (اللهم أجُرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها).

 

ولتنذكر … ( مالا تريد طريقك إلى ما تريد)