من الكلمات الرائعة لـ د.عبد الكريم بكار ..   (   … إننا كثيرا ما نخطئ في تفكيرنا  بسبب بنيوي يتمثل في الفجوة الفاصلة بين محدودية الإدراك وطلاقة الإرادة والطموح والتطلع، حيث إن تجهيزاتنا الفكرية وخبراتنا ومعلوماتنا كثيرا ما تكون غير كافية لتلبية طموحاتنا. إننا لا ندرك إلا القليل القليل من الأحداث التاريخية والفرص السانحة والعقبات المعترضة، ومع هذا فنحن نتطلع إلى الحصول على أشياء كثيرة غير محدودة. وهذا لا يشكل عقبة، وهكذا فالعوامل التي تؤدي إلى وقوعنا في الأخطاء أثناء التفكير عديدة ومتشعبة.)

ومنها .. التفكير السلبي ..حيث قال فيه الدكتور (يبدو أن قدرة عقولنا على اكتشاف السلبيات أكبر من قدرتنا على اكتشاف الإيجابيات ، فلو طلبنا من أحد الناس أن يعدد لنا محاسن زيد من الناس والمآخذ التي يمكن أن تؤخذ عليه ، لوجد أن من الأسهل عليه الاهتداء إلى نقائصه وعيوبه . ولست أعلم هل ذلك يعود إلى طبيعة الدماغ ، أو أن ذلك مكتسب تربوي ثقافي ؟ نحن لا نرى في حقيقة الأمر سوى جزء صغير جدا” مما يحدث في العالم، وفي بيئتنا المحلية، مما يجعل معلوماتنا وتصوراتنا عن الواقع مملوءة دائما ” بالفراغات. و بما أن الطبيعة تكره الفراغ، فإننا نقوم بملء تلك الفراغات في كثير من الأحيان بالمعاني السلبية، إذا أسقط اسم أحدنا في أحد الاجتماعات، أو ذكر في ذيل القائمة، فإننا نسارع إلى الظن بأن ذلك تم عن عمد. إذا تأخر ابنك المسافر عن الوصول في الوقت المعتاد فإنك تميل إلى أن مكروها” قد حل به حتى تأخر. والقليلون هم الذين يفسرون مثل ذلك على أنه انشغال بامتحانات أو برحلة سارة.. هذه النقائص في العقل البشري تحتاج إلى أن نعيها أولا”، ثم نحاول بعد ذلك العمل على تلافيها. عقلنا الباطن لا يميز بين الدوافع التي دفعتنا إلى تبني الأفكار الإيجابية والدوافع التي دفعتنا إلى تبني الأفكار السلبية، ولا في مدى صوابها؛ ولذا فإننا إذا ملأنا عقولنا بالأفكار السلبية فإن العقل الباطن لدينا يتقبلها، ويقوم بترجمتها إلى أنماط سلوكية. والأشخاص الذين امتلأت قلوبهم بمشاعر الخوف واليأس والإحباط والشك والقلق، تتولد لديهم بشكل خفي الأفكار التي تعزز تلك المشاعر، وتصبح سلوكاتهم مبنية عليها؛ فترى الشخص السلبي إذا أراد دخول امتحان فإنه يخاف من الرسوب، ويتوقعه، ويشك في قدرته على النجاح، فيتصرف تصرف المحبط اليائس، وقد يمتنع نتيجة ذلك عن دخول الامتحان ؛ مع أن المعلومات التي في حوزته، والمقدرة الذهنية التي لديه ، قد لا تقل عما لدى الواثقين بأنفسهم؛ ولكن الاتجاه السلبي عنده جعل استفادته من إمكاناته محدودة. التفكير السلبي يبلور علاقة صاحبه بالواقع، وبالآخرين، فهو حين يريد القيام بمشروع –مثلا- يرى الساحة مزدحمة بالمشروعات المناظرة، ولذا فإنه يرى فرصة نجاح مشروعه معدومة، حتى إذا رأى شخصا” جاء بعده، واستطاع أن يؤسس مشروعا” ناجحا” مثل المشروع الذي أعرض عنه ضرب كفا” على كف، وبدأ يلوم نفسه. أما الإنسان صاحب الفكر الإيجابي، فيوحي إليه فكره أن فرص النجاح ليست جامدة، بل هي متجددة؛ ولذا فإنه يسعى للحصول على فرصة صغيرة، ثم يفكر في توسيعها… ثم قال … وأخيرا فإن لصاحب التفكير السلبي طريقته الخاصة في تفسير الأحداث والمواقف وتلك الطريقة تقوم في الغالب على أسس ومعلومات ومعطيات عتيقة، انتهت مدة صلاحيتها، وذلك بسبب ضعف تفاعله مع الجديد، وضعف قدرته على الانتقال من أسلوب في التفكير إلى أسلوب آخر)..أ.هـ

وتعقيبا”.. فإن وقوعنا في الخطأ ليس هو المشكلة بحد ذاته لكن تكرار الوقوع في ذات الخطأ مرات ومرات بأشكال مختلفة ..هذا أكبر خطأ    .

psycholgist/salma