د. محمد عقلان

 

صاغ المعالجون المعرفيون (بيك وزملائِه (Beck, et al; 1985) مبادئ، وأسس العلاج في عشرة مبادئ هي على النحو التالي:

 

المبدأ الأول: نموذج تفسير الاضطرابات الانفعالية:-

يتأسس العلاج المعرفي على النموذج المعرفي لتفسير الاضطرابات الانفعالية ومؤدى هذا النموذج: “أن الناس يضطربون، ويعانون من المشكلات النفسية ليس بسبب الأشياء في حد ذاتها، بل بسبب طبيعة وأسلوب تفكيرهم إزاء الأشياء، والإحداث”.

وطبقا لهذا التفسير فإنه إذا أردنا تغيير مشاعرنا، وانفعالاتنا، ومسالكنا المضطربة، فإنه ينبغي علينا أن نغير عقولنا، وأساليب تفكيرنا. فمثلا، المريض الذي يعاني من القلق ويقول: ” لدى مبرر قوى للشعور بالقلق”، هنا ينبغي على المعالج أن يتساءل “هل هناك تشوهات معرفية في تفكير المريض؟” وينبغي أن يأخذ المعالج في اعتباره أن التشوهات المعرفية للمريض تتركز في تقييمه المباشر للمواقف، وللأحداث، ورؤيته للنتائج بعيدة، وقريبة المدى.

 

ويكون النموذج المعرفي فعالاً بدرجة خاصة في حالة تمكن المعالج من النموذج المعرفي للاضطرابات الانفعالية، ويكون لديه القدرة على التمييز بين الإدراك، والانفعال، والسلوك، والاستجابات الفسيولوجية. وأن يكون قادراً على أن يفهم بوضوح أن الاضطرابات الانفعالية ( قلق، اكتئاب، وسواس، رهاب مجتمع…) تنتج بسبب التقييم الخاطئ أو المختل وظيفياً للمواقف. وهنا ينبغي أن يقدم المعالج هذا الشرح، والتفسير لطبيعة الاضطرابات موضوع العلاج في الجلسة الأولى ويكرره طوال فترة العلاج وكثيراً ما تكون هذه الشروح، والتفسيرات علاجاً. وقد يساعد في التفسير استخدام الرسوم التوضيحية، واستخدام السبورة للوصول لفهم أكبر.

 

ودور العلاج المعرفي هو مساعدة وجعل الناس يعون، ويعيشون مشاعرهم.

 

جدير بالمعرفة هنا أنه من المفيد أن يعرف المرضى بأن مشاكلهم الانفعالية تقع في أربعة فئات عامة هي: القلق، والاكتئاب، والغضب، والسرور، والمتعة.

 

فالمرضى ينزعجون من أعراضهم الانفعالية، النفسية، ويتشبث الكثير منهم بأفكار تضفي غموضاً، وتهديداً لحياتهم النفسية، وتزيدهم اضطراباً، وتوجساً. فيعتقد بعض المرضى أن قلقهم شيء اختياري يفعلونه بأنفسهم. وللنموذج المعرفي مصداقية لدى معظم المرضى. وهذه المصداقية ترجع للوصول لتفسير قائم على الحس المشترك “Common Sense” المتمثل في الرؤية المشتركة لكل من المريض، والمعالج للأفكار، والمشاعر، والسلوكيات المضطربة مثل؛ الغيرة، والشعور بالوحدة، والخجل، والشعور بالذنب، والحزن، والأسى، والخجل، والمماطلة أو التسويف، والكذب، وعدم القدرة على اتخاذ القرار (…). فقد تكون هذه المظاهر أعراض لأحد الاضطرابات الانفعالية (…) ويعد هذا نتاجُُ للتفكير التلقائي السلبي المبالغ فيه، والتشوهات المعرفية.

 

فمثلا قال أحد مرضى القلق – في الجلسة العلاجية الأولى – أن لديه عدداً من المشكلات مع زملائه في العمل، وفي النوم، وفي القدرة على اتخاذ القرار، ومع النساء، وفي ذكر الحقيقة، والصدق، والشفافية () وبعد الاستماع للتفصيلات، اتضح للمعالج أن مشكلة المريض كانت في كيفية إدارة ومواجهة القلق أولاً ثم الغضب ثانياً. هذا الاختزال لمشاكل للمريض يكون مساعداً في حد ذاته. وبمجرد أن يعترف، ويعرف، ويتعلم المريض أن مشكلته تتعلق بإدارة، ومواجهة اضطرابه، فإنه يكون على استعداد في تلك اللحظة أكثر من غيرها لتقبل التفسير المعرفي لاضطرابه. وبعد تقييم مشكلة المريض يضع المعالج بنية هيكلية للمقابلة يشرح فيها للمريض أعراضه الانفعالية ( قلق، اكتئاب، وسواس، رهاب مجتمع ….الخ) بالتفصيل ليقلل من اهتمامه الزائد المفرط بها، ولإعادة تعليمه بفعالية، وينبغي على المعالج أن يمتلك فهماً قوياً لأعراض المريض، وتختلف الأعراض من شخص لآخر. ويكون ذلك غالباً نتاجُ للتنوعات في الميول الطبيعية أو القواعد العائلية، والثقافية :مثلاً قد تكون اضطرابات المعدة من علامات القلق في إحدى العائلات) إذ يجب على المعالج أن يبحث عن دلالات العلامات، والأعراض غير العادية للاضطرابات الانفعالية في سياقها الثقافي.

 

ويمثل العلاج المعرفي مجموعة من التقنيات تٌستخدم في إعادة البناء المعرفي، ففي حالة الشخص الذي يعاني من أعراض الاكتئاب (…) لديه في الأساس أفكار، وتصورات خاطئة عن ذاته، وعن العالم، وعن طبيعة اضطرابه. هنا تكون مهمة العلاج الأولى هي مساعدة المريض على رصد، وتصحيح تلك الأفكار، والتصورات. فكثيراً ما يعتقد المريض أن كآبته غير طبيعية، وكثيراً ما يؤمن بأنه بعيد عن الحقيقة. ولأن طبيعة أعراض الاكتئاب تتسم بالمبالغة، وتضخيم مشاعر الحزن، والأسى، فإن المعالج يحتاج إلى التواجد، والحضور وبقوة في تيار الوعي لدى المريض لمناقشة أعراضه.

 

ويمكن للمعالج أن يحدد ما يخافه المريض حقاً هو مشاعره، وأحاسيسه، ويحتاج المعالج إلى تفسير مستويين من الأعراض في حالتي القلق والاكتئاب،

 

ففي حالة القلق: يكون الشعور المهيمن هو الخوف (الشعور بالخطر والتهديد) ويظهر المستوى الأول للقلق في: القلق والخوف من الخطر والتهديد المحدق، مثال ذلك: خوف الإصابة بالسرطان أو الأزمة القلبية، والخوف من الإهانة العامة، والخوف من الاختناق، أو الفصل من العمل (…). وأما المستوى الثاني للقلق فهو الخوف من أعراض القلق “القلق حول القلق” “Anxiety About Anxiety” وعدم القدرة على التغلب على المستوى الأول من أعراض الخوف يفاقم المستوى الثاني، ويؤدى إلى دورة مرعبه من القلق. وبالمثل الدورة نفسها في حالة الاكتئاب.

 

 

 

المبدأ الثاني: العلاج المعرفي موجز ومحدد البناء والوقت:-

التحديد الإيجاز يأتي من خلال الموضوعات، والقضايا المستهدفة في العملية العلاجية، فهو محدد الوقت، فالمدة التقليدية للعلاج المعرفي تتكون من خمس إلى عشرين جلسة، ومدة كل جلسة من خمس وأربعين دقيقة إلى ساعة. وكي يكون العلاج المعرفي محدد البناء، ينبغي رسم إستراتيجية علاجية عامة تتمثل في:

 

1. جعل العملية العلاجية بسيطة:

البساطة لا تعني الاختزال المخل، والابتسار بل تعني تقديم النظرية النفسية المعرفية للاضطرابات الانفعالية بصورة مبسطة مفهومة. فمن السهولة بمكان تعقيد مشاكل المرضى، ومن الصعب تبسيطها، والطبيعة الإنسانية تميل عموما إلى تعقيد المشكلات. فمن القواعد الجيدة التي يجب تذكرها ” مهما كان تعقيد مشكلة المريض، فالمعالج يمتلك القدرة التي تجعله يعقدها أكثر آو يجعلها بسيطة وقابلة للحل”.

 

2. جعل العملية العلاجية محددة ومتماسكة:

فكلما زاد تجريد المفاهيم، وتعقيد التدخلات، طالت مدة العلاج. ويأتي التحديد، والتماسك من خلال الإبقاء على لغة تواصل جيدة بين المعالج، والمريض، فبدلاً من توصيف المرضى وفقاً لمفاهيم أكاديمية علمية مثل “قلق، مكتئب (…) فإن المعالج يمكن أن يستخدم مفاهيم اقل تجريداً، وأكثر تداولاً في سياق الخطاب اليومي للناس مثل خائف، حزين، غاضب…الخ.

 

3. التقييم المستمر:

يتم الحصول على معظم المعلومات التي يحتاجها المعالج للقيام بالتدخل العلاجي السليم من خلال مقاييس التقييم، والملاحظة، وفي العلاج المعرفي ليس هناك حاجة للحصول على معلومات موغلة في القدم عن الطفولة. وفي معظم الاضطرابات الانفعالية (…) عند المستويات المتوسطة، لا يوجد ضرورة للتقييم الموسع، المتعمق.

 

4. الحفاظ على توازن المريض:

يختل توازن بعض المرضى غالباً عند مناقشة الموضوعات التي تتصل بالمعتقدات الدينية، والروحية أو الفلسفية (…) وذلك في حالة عدم تتعلق هذه الموضوعات باهتمامات المريض الأساسية لان ذلك يطيل، بل ويعقد العلاج. وإذا أصر المريض على مثل هذا الجدل، والمناقشات، فإنه ينبغي على المعالج أن يكون فطناً وقادراً على فهم، وإفهام المريض كيف أن هذه المناقشات تصرف الانتباه عن العمل الرئيس للعلاج.

 

5. إجراءات ضبط الوقت:

يحتاج المعالج إلى البحث عن طرائق مثالية لتوظيف وقت العلاج بصورة فعاله. ومن بين الأساليب الفعالة وضع جدول أعمال والالتزام به في كل جلسة، وينبغي أن يكون وقت الجلسات مرناً، والعدد المتفق عليه للجلسات من مرة إلى مرتين أسبوعيا، ويكون مفيداً تغيير هذا النظام، ومن المفيد مع بعض المرضى التعاقد على عدد معين من الجلسات لإزالة مخاوفهم حول فكرة أن المعالج يريد إبقائهم تحت العلاج بصفة مستمرة. وهذا التعاقد يبلغ المريض رسالة ضمنية مفادها أنه يمكنه إدارة مشكلة اضطرابه بعد العلاج، ويمكن للتعاقد على عدد معين من الجلسات أن يمنع الإنهاء المبكر للعلاج. فالإنهاء المبكر للجلسات يكون عادة بسبب فشل المريض في الحصول على الشعور بالراحة، أو عدم وجود مبرر لاضطرابه أو لرغبته في ترك الجلسة والمكان لأن (أعراضه) الحادة قد تناقصت أو اختفت.

 

6. بناء مجموعة تدخلات معرفية موجزه:

يمكن للمعالج، من خلال الافتراض أن المريض يمكنه تعلم أساليب مواجهة إدارة قلقه، واكتئابه بسرعة، وأن يبني تنبؤاً ذاتياً حقيقياً “Self-Fulfilling Prophecy”. من خلال توفير نشرات مكتوبة، وشرائط سمعية، ومرئية أو استخدام الملصقات لتوضيح استراتيجيات وأساليب المواجهة المراد تعلمها.

 

7. إبقاء التركيز على المشاكل القابلة للإدارة:

حيث أن العلاج المعرفي محدد الوقت، فإن كثيراً من مشاكل المرضى ستبقى بلا حل في نهاية العلاج. وعند انتهاء العلاج، ينبغي أن يكون المريض قد امتلك أدوات ومهارات سيكولوجية كافية، لتحديد وتشخيص مشكلاته، والوقوف على بدائل الحلول المتاحة بنفسه، وبمساعدة المعالج إن لزم الأمر.

 

 

 

 

المبدأ الثالث: رسوخ العلاقة العلاجية:-

العلاقة العلاجية الراسخة شرط ضروري لفعالية أي علاج نفسي، وتنبني العلاقة الفعالة من خلال:

1.           الصراحة، والحرية في التعبير من قبل المريض “الشعور بحرية الكلام عن الأشياء التي يخجل الفرد من الكلام عنها للآخرين”.

2.           ومن خلال التقبل غير المشروط من قبل المعالج للمريض،

3.           ومن خلال معالجة مشكلة الاستقلالية، والاعتمادية.

ويجب على المعالج أن يفهم، ويفرق بين نوعين من المرضى، فالمريض الجاد، “المحافظ” يتطلب مدخلاً علاجياً وأسلوبا مختلفاً عن المريض “المنفتح”.

 

ومنهجية العلاج الفعالة تتأتى من خلال بناء علاقة علاجية حميمة على أساس الألفة، والثقة، والتقبل، والإجراءات العلاجية الملائمة وذلك بهدف مساعدة المريض على أن يتكلم بصراحة عن مخاوفه، وأحزانه. وكثيراً ما يتجنب المرضى القلقون، والمكتئبون الكلام عن أفكراهم، ومشاعرهم. فقد شرح أحد المرضى قائلاً، “لو تكلمت عما أشعر به فأني قد جننت، إن هذا مخيف جداً أنا لا أريد أن أجازف…”. وجزء رئيسي من العلاج يتمثل في تشجيع المريض على مواجهة المواقف المخيفة حتى يراها بشكل طبيعي، والكلام عنها يعتبر إحدى الطرائق لتحقيق هذا الهدف.

 

إن المرضى الذين تعلموا مواجهة أفكارهم، وانفعالاتهم المضطربة، في العملية العلاجية كثيراً ما يرجعون جزءاً كبيراً من نجاحهم إلى العلاقة العلاجية الفعالة.

وكجزء من تقييم نجاح الممارسة العلاجية، سٌئل المرضى بعد العلاج ما الذي وجدوه مساعداً في العملية العلاجية؟ فكانت الاستجابات العامة هي” اهتمام، وحماس المعالج الخاص نحوي، الشعور بحرية الكلام عن الأشياء التي كنت أخجل من الكلام عنها للآخرين (…) “.

 

ويجب على المعالج أن يبنى علاقة ألفه من خلال عدد من الوسائل مثل، الجدية، والإخلاص، والصدق، والفهم الدقيق الصادق لما يقوله المريض، ونقل هذا الفهم له، والتعبير عن الألفة المتحررة من التملك، والتعاطف. وينبغي على المعالج أيضاً أن يتخذ حلاً وسطاً في ذلك، ويجب عليه أن يعلم أن الشخص الذي يعاني من اضطرابات انفعالية كثيراً ما يسئ ترجمة، ويسئ فهم نوايا المعالج.

 

مثال ذلك:

في إحدى الجلسات، استخدم المعالج تقنية الدعابة أثناء الحوار وطرح السؤال التالي، وأيضا ماذا إذا؟ فكان رد فعل المريض بقوله بدوت وكأنك تسخر منى! وأنك تستخف باهتماماتي، وأموري. في هذا الإرجاع السلبي يمكن للمعالج أن يصحح هذا التصور فوراً.

 

وهناك قضية غاية في الأهمية تتعلق بالعلاقة العلاجية يجب أخذها في عين الاعتبار ألا وهي قضية “الاستقلالية – الاعتمادية”. فالمرضى الضعفاء في كلا البعدين (الاعتمادية – الاستقلالية)، يكونون علاقة عمل جيدة، ونادراً ما يكون هنالك مشكلة في العلاقة العلاجية فيمكن للشخص أن يتحمل كل من الألفة، والعمل بمفرده، ومستقلاً.

 

ويجب أن يكون المعالج أكثر ألفه، وضبطاً لمشاعره تجاه المريض الاعتمادي الذي يكون أكثر تكيفا مع العلاقة، وكثيراً ما يريد هؤلاء المرضى أن يكونوا هم المرضى المفضلون. وهنا يمكن للمعالج أن يعمل جيداً والتفكير بصوت عالٍ ويشارك المريض بعض أفكاره فور حدوثها.

 

والمريض الذي يتمتع بقدر كبير الاستقلالية يتفاعل بطرائق مختلفة عن المريض الاعتمادي. فاستخدام ضمير المتكلم الجمعي “نحن” من قيل المعالج تعد بمثابة عكس ما هو مطلوب، وهي نتاج للطرح من قبل المريض، والطرح المضاد “Counterproductive” من قبل المعالج وهذه التقنية في الطرح تغضب المريض المستقل لأنه يشعر بالاحتواء، والتعاطف، وهو لا يرغب في ذلك ومن أمثلة هذا الطرح ” كيف نشعر اليوم “؟ أو ” كيف نحل هذه المشكلة؟” فقد يشعر المريض أن محاولات المعالج للفهم، والتعاطف هي عملية تدخل، وهيمنة عليه. وهنا يجب أن يحث المعالج وبصورة مستمرة المريض الذي يتمتع باستقلالية زائدة لأخذ المبادرة في وضع حلول لمشاكله، ومساعدته على اختبار صحة وإمكانية تطبيق هذه الحلول.

 

وبالعكس مع المريض الاعتمادي فإن التأكيد يكون على ضمير المخاطب “أنت” مثال ذلك اعتقد أن لديك القدرة على وضع خطة لحل هذه المشكلة، فهل فكرت في كيفية خروجك منها؟.

 

وغالباً تأتى معظم مشاكل العلاقة العلاجية من المرضى الذين يتسمون بالقدر ذاته من قوة الاستقلالية – الاعتمادية. هنا تكون رغبة المريض في الألفة جمة، لكن لديه مشكلة في تحملها، لأنه يخاف أن يُرفَض، أو يسيطر عليه أو يهان من المعالج، وهو كثيراً ما يعطي المعالج رسائل مختلطة مموهة، ومشفره. فقد أخبرت إحدى المريضات معالجها أنها تريده أن يكشف لها الكثير عن نفسه، وعندما قام بذلك، قالت أنه يتكلم كثيراً عن نفسه. هنا يجب أن يكون المعالج أكثر صبراً، ومرونة، ويمكنه أن يتفاعل بالطريقة الخاصة “الاستقلالية- الاعتمادية”.

 

 

المبدأ الرابع: العلاج المعرفي جهد مشترك بين المعالج والمريض:-

يتمثل مبدأ المشاركة العلاجية في تحديد الأهداف، والواجبات المنزلية، وتحديد الأفكار السلبية، والمشاعر المضطربة، وتحديد أولوية للمشكلات، (…) ويمكن تقوية الطبيعة التعاونية للتفاعل العلاجي من خلال عدد من الاستراتيجيات من قبيل: تطوير علاقة علاجية على أساس تبادلي، بمعنى تبادل المواقع في التفسير، حيث ينبغي ألا يأخذ أي من المعالج أو المريض دوراً مركزياً، سلطوياً، في العلاقة العلاجية. وينبغي تجنب بناء جدول صريح، ومشروح بوضوح للمريض.

 

 

 

المبدأ الخامس: يعتمد العلاج المعرفي على المنهج السقراطي:

العلاج المعرفي يقوم – أساساً – على أسلوب الحوار السقراطي فهو قائم على النقاش، والجدل، وتبادل المواقع في طرح السؤال، والنقاش وليس على المساءلة أو الاستجواب. ويمكن للمناقشة، والجدل الجيدين أن يؤسسا لتطوير علاقة علاجية تعاونية، وبناء بنية معرفية سوية، وكذلك يحثا المريض على:

أولاً: أن يعترف المريض بطبيعة أفكاره التلقائية السلبية، وطبيعة مشكلاته، ومن ثم يتعرف عليها.

ثانياً: فحص تشوهات المريض المعرفية.

ثالثاً: إحلال أساليب تفكير أكثر توازناً وتوافقاً.

رابعاً: وضع الخطط لبناء نماذج جديدة للتفكير.

 

 

المبدأ السادس: العلاج المعرفي عمل تفكيكي بنيوي مباشر:-

العلاج المعرفي عمل بنيوي، تفكيكي، مباشر، ويظهر ذلك من خلال استخلاص الأفكار السلبية المختلة، وتحديد المشكلات، وتفنيد ونقد، ومواجهة هذه الأفكار، ووضع صيغة عامة للحالة، وتحديد برنامج عمل بنيوي يتعلق بأعراض المريض، ونظرته لذاته، وللعالم من حوله، وللمستقبل، واستخدام إجراءات، وأساليب، وتقنيات علاجية لتغيير أو تعديل أفكار المريض المختلة ومن هذه الإجراءات ما يأتي:

أولاً: وضع جدول عمل للبرنامج العلاجي ككل.

ثانياً: وضع برنامج عمل لكل جلسة على حده.

ثالثاً: التركيز على الأهداف النوعية.

 

 

المبدأ السابع: العلاج المعرفي موجه نحو حل المشكلات:-

إحدى تقنيات العلاج المعرفي هي تحيدي المشكلات التي تواجه المريض في الفترة الحالية، وخاصة المشكلات القابلة للحل لأن المريض يمكنه توفير بيانات دقيقة عنها، ووضع حلول ممكنة لها. إذ ينبغي على المعالج القيام بعملية تشمل أربع خطوات فيما يتعلق بتحديد المشكلات وهي على النحو التالي:

أولاً: رصد وتحديد، وتفهم طبيعة مشاكل المريض.

ثانياً: اختيار إستراتيجية محددة في وضع الحلول. ولا بد من وضع أكثر من الحل لكل مشكلة وتطبيق الحل المتاح.

ثالثاً: وضع برنامج عمل لتنفيذ إستراتيجية الحلول.

رابعاً: تقييم فعالية هذه الإستراتيجية ونجاح الحلول.

 

 

المبدأ الثامن: العلاج المعرفي مؤسس على النموذج التعليمي:-

إحدى المقدمات المنطقية للعلاج المعرفي تتضمن المدخل التعليمي الذي يتلخص في فكرة مــؤداها: “تعلم كيف تتعلم “Learning to Learn”، ومؤدى هذه التقنية أن مع وبالممارسة يمكن للفرد أن يٌعلَم، ويتعلم كيف يفكر، ويتعلم طرائق أكثر فعالية لممارسة حياته. فإحدى وظائف المعالج هي أن يعلم المريض مهارات مواجهة أفكاره المختلة، واضطرابه الانفعالي. والعلاج المعرفي بالإضافة إلى ذلك يوفر خبرات أو تجارب إعادة بناء البينة المعرفية المشوهة، ويدخل تقنيات تعليمية، مثل توفير المعلومات، وتحديد موضوعات للقراءة، والاستماع لشرائط سمعية، ومرئية، وإعطاء واجب منزلي كتابي، وتوجيه المريض لحضور محاضرة ما تخدم موضوع العلاج.

 

 

المبدأ التاسع: تعتمد نظرية وتقنيات العلاج المعرفي على منهجية الاستقراء:-

ينبني العلاج المعرفي على منهجية الاستقراء، ويظهر المنهج الاستقرائي في أسلوب حوار المعالج مع المريض. ويتدرب المعالجين على تكوين الافتراضات، واختبار ومراجعة صدق هذه الافتراضات، طبقاً لبيانات الحالة، ونتائج العلاج. فمثلا، المريض الذي يكشف عن شعوره بعدم الارتياح عندما يقابل أناساً من الجنس الآخر. ينبغي على المعالج أن يفترض أن المشكلة تكمن في نقص المهارات الاجتماعية أو ارتباك حول الجاذبية الجسدية، هنا ينبغي اختبار كل الفرضيات.

 

المبدأ العاشر: الواجب المنزلي أحد السمات الرئيسة للعلاج المعرفي:-

الواجب المنزلي، ركن أساس في العلاج المعرفي، وهنا ينبغي على المعالج شرح أهمية الواجب المنزلي للمرضى. فالواجب المنزلي يقوي، ويرسخ، ويكمل النواحي التعليمية للعلاج المعرفي، ويزود المريض بخبرات جديدة لوضع فرضيات، وحلول للمشكلات، واختبار مدى صلاحيتها.

 

 

من موقع فريق النجاح

http://www.najahteam.com/node/4408