اسم الباحث د.حامد احمد الغامدي

رسالة دكتوراة – جامعة عين شمس

مقدمة: تعتبر الاضطرابات العصابية والذهانية من أشد الاضطرابات خطورة على الإنسان، حيث أنها تكون سبباً للمعانات والآلام للشخص المريض أو الأشخاص المحيطين به ولأسرته على وجه الخصوص، فالقلق والخوف يعتبران من أهم المشاكل التي يعاني منها الفرد، فالاضطرابات النفسية ليست وليدة هذا العصر، وإنما توجد أدلة تؤكد معاناة الناس من تلك الاضطرابات منذ العصور الأولى،

ولكن في العصر الحالي تشير الاحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من أفراد المجتمع تعاني من الاضطرابات النفسية، وهي في تزايد مستمر في جميع المجتمعات وخاصة المجتمعات المتقدمة، فالإنسان يواجه أنماطا من الحياة والتعامل مع المحيط ما لم تعرف في الماضي، ولم تتوفر لديه الخبرة على مواجهتها والتوصل إلى التوافق مع مقتضياتها بدون اضطراب أو معاناة نفسية. ومما لا شك فيه أن اضطرابات القلق أصبحت تواجهنا بمشكلة صحية عامة إذ أن مدى انتشارها يفوق انتشار الأمراض العقلية والعضوية، ومن الباحثين من يري بأن درجة بسيطة من القلق قد تكون صحية وإيجابية، لأنها تدفع الإنسان نحو العمل لدرء الأخطار الممكنة أو المحتملة التي يتعرض لها الإنسان في صراعه مع الحياة، ولكن المشكلة تكمن في ازدياد شدة درجة القلق، وفي استمراره دون سبب واضح أو معقول. مشكلة الدراسة : من الملاحظ في عصرنا الحاضر أن القلق يعتبر من المشكلات النفسية الشائعة التي يعاني منها البشر، كما يعتبر من الاضطرابات النفسية التي تصيبهم في المراحل العمرية المختلفة، سواء كانوا داخل مؤسسات التعليم أم كانوا خارجها في ميدان الحياة الواسع. والظاهر في هذه المشكلات والاضطرابات أنها لا ترجع إلى نوع واحد، وأنها لا تقف عند حدود ضيقة من التعقيد والخطر. والظاهر كذلك أنها تتفاوت في الآثار التي تخلفها في حياة الأفراد الشخصية ، وحياة أسرهم ومجتمعهم، ومن الطبيعي في مثل هذه الحالات، أن يواكب تلك الزيادة في المشكلات المحيطة بالإنسان، والاضطرابات النفسية التي تصيبه، اتساع بالاهتمام بها ويظهر ذلك بشكل خاص لدى الباحثين المعنيين بالإنسان وحياته النفسية والاجتماعية. وتعد اضطرابات القلق من الاضطرابات النفسية الشائعة في هذا العصر ، مما قد يرجع إلى التغيرات الاجتماعية والتقدم التكنولوجي وتفشي الروح الانهزامية لدى الأفراد ، وذلك بسبب بعض الضغوط الاقتصادية وضعف القيم الدينية ، وبما أن اضطراب القلق غالباً ما يكون عرضاً لكثير من الاضطرابات النفسية والعقلية ، فقد تبلورت لدى الباحث دوافع لإجراء هذه الدراسة نتيجة إحساسه بالمشكلة من خلال ممارسة العمل بمستشفى الصحة النفسية بالطائف حيث اتضح له أن اضطراب القلق المعمم، واضطراب الرهاب الاجتماعي تعد من أكثر اضطرابات القلق شيوعاً بين كثير من الحالات المترددة على العيادات النفسية، وقد أكد ذلك الأبحاث العلمية والاحصائيات التي أجريت في هذا المجال.

هدف الدراسة : تهدف الدراسة الحالية إلى : التحقق من مدى فاعلية العلاج المعرفي السلوكي في خفض حدة كل من اضطراب القلق المعمم والرهاب الاجتماعي لدى المترددين علي العيادات النفسية بمستشفى الصحة النفسية بالطائف.

أهمية الدراسة : إن اضطرابات القلق لها آثار سلبية كبيرة علي الشخصية، وهي تؤثر تأثيراً شديداً على فعالية المرء وكفاءته، وتقيد وعيه عن ملاحظات دقائق ما يجري من حوله من ظروف وأحداث، وإذا طالت اضطرابات القلق فإنها قد تؤدي إلى تفكك الشخصية وانحلالها، فتضعف البصيرة ، وتشوه المعالم التي يهتدي بها الإنسان نحو تحقيق أهدافه (الأزرق بوعلي1993: 93) فالدراسة الحالية تتحدد أهميتها في الجانب الذي تتصدى له الدراسة وهو الكشف عن مدى فاعلية العلاج المعرفي السلوكي في تحقيق الأهداف المرجوة، ويتحدد هذا من خلال جانبين هما الأهمية النظرية والأهمية التطبيقية:

·        الأهمية النظرية:  تهتم هذه الدراسة بموضوع له أهمية من الوجه النظرية حيث تلقى الضوء على طبيعة اضطرابات القلق بصفة عام واضطراب القلق المعمم واضطراب الرهاب الاجتماعي بصفة خاصة، حيث أن هذين الاضطرابيين من إحدى فئات اضطرابات القلق، والتي تعتبر بدورها من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً وشيوعاً، كما تبرز أهمية الدراسة بتوجيه الأنظار نحو هذه الشريحة المهمة من المجتمع، وهم الأفراد الذين يعانون من اضطرابات القلق المترددين على العيادات النفسية، وهذه الفئة تحتاج إلى الرعاية النفسية بجانب الرعاية الطبية مثلما تحتاج إليها الشرائح الأخرى المراجعة للمستشفيات العامة.

·        الأهمية التطبيقية:تنبع أهمية هذه الدراسة تطبيقياً من أهمية الأسلوب العلاجي المستخدم، وهو برنامج العلاج المعرفي السلوكي في خفض اضطرابات القلق المعمم واضطرابات الرهاب الاجتماعي للمرضى المراجعين للعيادات النفسية، والذي كشفت فيه الدراسات السابقة على أهمية هذا النوع من العلاج وأنه ذو فعالية في علاج اضطرابات القلق، وبالتالي يؤثر بالإيجاب على اتجاهات المرضى نحو ذواتهم ونحو الآخرين، ويساعدهم على النمو النفسي والاجتماعي السوي، وكذلك تعد هذه الدراسة من الدراسات العربية النادر في هذا المجال، فلم يجد الباحث دراسات أجريت على المرضى المراجعين للعيادات النفسية، وأن الدراسات كانت على طلبة المدارس والجامعات. كما أن هذه الدراسة قد تفتح المجال لدراسات أخرى تحاول الاستفادة من العلاج المعرفي السلوكي في البيئة العربية بصفة عامة والمجتمع السعودي بصفة خاصة، كما قد تفيد الأخصائيين النفسيين العاملين في المستشفيات النفسية والعيادات النفسية والباحثين بأهمية العلاج المعرفي السلوكي في خفض اضطرابات القلق وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى.

فروض الدراسة:

1.      توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة القلق المعمم للتطبيق القبلي والبعدي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي لصالح التطبيق القبلي.

2.      لا توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة القلق المعمم للتطبيق البعدي والتتبعي لدي مجموعة العلاج المعرفي السلوكي(المجموعة التجريبية).

3.      توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة القلق المعمم لدى مجموعتي العلاج المعرفي السلوكي(لمجموعة التجريبية) والعلاج الدوائي (المجموعة الضابطة) في مرحلة التطبيق البعدي لصالح مجموعة العلاج الدوائي (المجموعة الضابطة).

4.      توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي للتطبيق القبلي والبعدي لدى مجموعة المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبية الثانية) لصالح التطبيق القبلي).

5.      لا توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي للتطبيق البعدي والتتبعي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي(المجموعة التجريبية الثانية).

6.      توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي لدى مجموعتي العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبية) والعلاج الدوائي (المجموعة الضابطة) في مرحلة التطبيق البعدي لصالح مجموعة العلاج الدوائي (المجموعة الضابطة).

جراءات الدراسة:

المنهج المستخدم: استخدام الباحث المنهج التجريبي حيث يمثل البرنامج العلاجي المتغير المستقل، بينما يمثل القلق المعمم والرهاب الاجتماعي المتغيرات التابعة.

عينة الدراسة:  تتكون عينة الدراسة الحالية من 40 فرداً من المترددين على العيادات النفسية بمستشفي الصحة النفسية بالطائف، والذين يعانون من اضطراب القلق المعمم والرهاب الاجتماعي، تتراوح أعمارهم ما بين 18-45 سنة وقد تم تقسيم أفراد العينة إلى مجموعتين: المجموعة الأولى: وهي المجموعة التجريبة الأولى وتضم 10 أفراد ممن يعانون من اضطراب القلق المعمم. المجموعة الضابطة الأولى: وتضم 10 أفراد ممن يعانون من اضطراب القلق المعمم ويعالجون بالعلاج العقاقيري. المجموعة الثانية: وهي المجموعة التجريبية الثانية وتضم 10 أفراد ممن يعانون من اضطراب الرهاب الاجتماعي المجموعة الضابطة الثانية: وتضم 10 فردا ممن يعانون من اضطراب الرهاب الاجتماعي ويعالجون بالعلاج العقاقيري.

الأدوات المستخدمة في الدراسة: استخدم الباحث الأدوات التالية في الدراسة: – مقياس مستشفي الطائف للقلق (إعداد فهد الدليم وآخرون (1993مقياس القلق الاجتماعي (ترجمة وتعريب محمد السيد عبد الرحمن، هانم عبد المقصود، 1994مالبر (نامج العلاجي (من إعداد الباحثدر (اسة الحالة (من إعداد الباحث.(

نتائج الدراسة:

1.      وجود فروق دالة إحصائياً عند مستوى (0.01) بين متوسطي درجة القلق المعمم للتطبيق القبلي والبعدي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي لصالح التطبيق القبلي.

2.      عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة القلق المعمم للتطبيق البعدي والتتبعي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبة).

3.      عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة القلق المعمم لدى مجموعتي العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبة) والعلاج الدوائي (المجموعة الضابطة) في مرحلة التطبيق البعدي.

4.      وجود فروق دالة احصائياً عند مستوى (0.01) بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي للتطبيق القبلي والبعدي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبية الثانية) لصالح التطبيق القبلي.

5.      عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي للتطبيق البعدي والتتبعي لدي مجموعة العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبية الثانية).

6.      عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجة الرهاب الاجتماعي لدى مجموعة العلاج المعرفي السلوكي (المجموعة التجريبية الثانية) والعلاج الدوائي (المجموعة الضابطة الثانية) في مرحلة التطبيق البعدي.

بحوث مقترحة: استكمال للجهد الذي بدأته الدراسة الحالية، وفي ضوء ما انتهت إليه الدراسة من نتائج استطاع الباحث أن يقدم بعض الموضوعات التي لا زالت في حاجة لمزيد من البحث والدراسة في هذا الميدان وهي:ـ

1.      ضرورة إجراء دراسات أخرى على المرضى المترددين على العيادات النفسية من اضطرابات القلق أو من اضطرابات نفسية أخرى، وذلك بهدف التأكد من المدى التطبيقي للعلاج المعرفي السلوكي في خفض حدة الاضطراب النفسي الذين يعانون منه.

2.      ضرورة إجراء دراسات لمدى فاعلية العلاج المعرفي السلوكي في خفض اضطرابات القلق للمراهقين بصفة عامة واضطراب القلق المعمم والرهاب الاجتماعي بصفة خاصة لأن هذه الفترة مهمة جدًا في حياة الإنسان وفي هذه الفترة تتكون شخصية الفرد.

3.      ضرورة إجراء دراسات لمدى فاعلية العلاج المعرفي السلوكي عند فئة كبار السن، وخاصة عند إحالة الإنسان للتقاعد، حيث يشعر بالفراغ والإحباط الذي هو فيه.

4.      ضرورة إجراء دراسات أخرى على الإناث؛ لأن الباحث كانت عينة دراسته على الذكور فقط، ويأمل الباحث أن تقوم إحدى الإخصائيات النفسيات بإجراء دراسة مماثلة.

5.      ضرورة أجراء دراسة لمدى فاعلية العلاج المعرفي السلوكي لدى كل من الذكور والإناث الذين يعانون من اضطرابات القلق وخاصة اضطراب الرهاب الاجتماعي والقلق المعمم.

6.      ضرورة إجراء دراسة مقارنة بين العلاج المعرفي السلوكي والعلاج المعرفي الجماعي لمرضى اضطرابات القلق حيث أن العلاج المعرفي الجماعي، آخذ في الانتشار وخاصة لمرض الرهاب والقلق المعمم   .