الأسئلة السقراطية والاكتشاف الموجه


الأسئلة السقراطية والاكتشاف الموجه هي احدى الطرق العلاجية في العلاج المعرفي السلوكي، من خلال هذا المقال سنتعرف على :

  • من هو سقراط ؟
  • الهدف من الحوار والأسئلة السقراطية؟
  • المنهج السقراطي والعلاج المعرفي السلوكي؟

    من هو سقراط

    فيلسوف يوناني كلاسيكي. يعتبر أحد مؤسسي الفلسفة الغربية، لم يترك سقراط كتابات وجل ما نعرفه عنه مستقى من خلال روايات تلامذته عنه، ومن بين ما تبقى لنا من العصور القديمة. اشتهر “سقراط” بإسهاماته في مجال علم الأخلاق.

    المنهج السقراطي أو الحوار السقراطي:

    على الأرجح تتمثل أكثر إسهامات “سقراط” أهميةً في الفكر الغربي في منهج الجدل والتداول القائم عن طريق الحوار، وهو المنهج المعروف أيضًا السقراطي أو “أسلوب إلينخوس” (والتي تعني مجادلة) وقد قام “سقراط” بتطبيق هذا المنهج في دراسة مفاهيم أخلاقية أساسية مثل الخير والعدالة. وكان أفلاطون أول من وصف المنهج السقراطي في “الحوارات السقراطية”. فلحل مشكلة ما، قد يتم تحليلها إلى مجموعة من الأسئلة والتي تعمل إجاباتها تدريجيًا على الوصول إلى الحل المنشود. ويتجلى تأثير هذا المنهج بشدة اليوم في استخدام المنهج العلمي والذي لا تكون مرحلة الافتراض أول مراحله. ويعد تطوير هذا المنهج وتوظيفه من أبرز الإسهامات المستمرة لـ”سقراط” كما أنهما شكلا عاملاً رئيسيًا في ارتداء “سقراط” لعباءة مؤسس الفلسفة السياسية أو علم الأخلاق أو الفلسفة الأخلاقية، وفي تميزه كأبرز الشخصيات في كل الموضوعات الرئيسية المتعلقة بالفلسفة الغربية. لتوضيح استخدام المنهج السقراطي، تم طرح مجموعة من الأسئلة لمساعدة شخص أو مجموعة من الأشخاص على تحديد معتقداتهم الأساسية ومدى معارفهم. والمنهج السقراطي هو منهج سلبي قائم على التخلص من الافتراضات، والذي يكون بالعثور على الافتراضات الجيدة عن طريق تحديد الافتراضات غير الجيدة والتي تؤدي إلى التناقضات ثم التخلص منها. وقد تم تصميم هذا المنهج بحيث يجبر المرء على مراجعة معتقداته وتحديد مدى صحتها. وفي الواقع، قال “سقراط” ذات مرة: “أعرف أنكم لن تصدقوني ولكن أبرز صور التفوق الإنساني هي مساءلة الذات ومساءلة الآخرين”

     

    الحوار السقراطي والعلاج المعرفي :

    العلاقة العلاجية في العلاج المعرفي السلوكي بين المعالج والمريض قائمة على التعاون، حيث يشتركان في وضع الأهداف العلاجية ، وجدول أعمال لكل جلسة ، واستخراج الأفكار التلقائية والافتراضات ثم جمع الأدلة لصالح أو ضد هذه الافتراضات بطريقة تشبه الطريقة العلمية لاختبار الفرضيات، واحدى الطرق هي طريقة الحوار السقراطي

     

    متى يستخدم المعالج الأسئلة السقراطية؟

    يبدأ المعالج باستخدام الأسئلة السقراطية مع بداية العلاج ويستمر في ذلك الى نهاية العلاج

     

    الهدف منها:

    1- توجيه العميل الى تفحص جوانب وضعها (العميل) خارج نطاق الفحص

    2- مساعدة العميل في اكتشاف خيارات وحلول لم يأخذها بعين الإعتبار من قبل.

    3- تعويد العميل على التروي والتفكير وطرح الأسئلة (على نفسه) في مقابل الاندفاع التلقائي وتمكينه من البدء في تقويم اعتقاداته وأفكاره المختلفة بموضوعية.

     

    خصائص الأسئلة السقراطية الجيدة:

    بشكل عام هي الأسئلة التي توجه العميل إلى اكتشاف واسترجاع معلومات لم تكن متوفرة له في الوقت الراهن واستخدامها في إعادة تقويم الاعتقادات الموجودة لديه قبل اكتشاف هذه المعلومات، صفات الأسئلة السقراطية الجيدة:

    • يكون لدى المريض المعلومات اللازمة للإجابة عنها
    • توجيه انتباه المريض إلى معلومات لها علاقة بموضوع النقاش ولكنها غائبة تركيز العميل في الوقت الراهن
    • يتم التحويل (التنقل) فيها من التركيز على الأشياء المحددة إلى التركيز على الأشياء المجردة لكي يستطيع العميل في النهاية تطبيق المعلومات الجديدة في إعادة النظر في اعتقاداته القديمة التي ساهمت في تطور مشكلته.

    مراحل الاكتشاف الموجه باستخدام الأسئلة السقراطية:

    1- طرح عدد من الأسئلة بهدف اكتشاف معلومات وثيقة الصلة بمشكلة العميل ولكنها خارجة عن نطاق وعيه في الوقت الراهن.

    2- الاستماع الجيد وعكس ما يسمعه المعالج على العميل

    3- تقديم ملخصا متتالية للمعلومات المكتشفة.

    4- أسئلة رابطة بهدف حث العميل على النظر في اعتقاداته الأصلية في ضوء المعلومات التي تمت مناقشتها.

     

    مثال لاستخدام الأسئلة السقراطية مع عميل يعاني من نوبات فزع ويتوقع أنه سوف يصاب بالإغماء:

    العميل : في منتصف نوبة الفزع ، أتصور عادة أنني سوف أصاب بحالة إغماء وأسقط على الأرض.

    المعالج : إلى أي مدى تصدق بذلك الآن مقارنة بتصديقك وأنت تعاني من نوبة الفزع؟

    العميل: 50% الآن و 90% أثناء النوبة.

    المعالج: دعنا ننظر فيما لديك من أدلة لإثبات هذه الفكرة ، هل سبق وأن أغمي عليك أثناء النوبة؟

    العميل: لا

    المعالج: مالذي إذن يجعلك تعتقد بأنك ستصاب بالإغماء ؟

    العميل: أشعر بالدوخة

    المعالج: باختصار ، الدليل الذي لديك على صحة هذه الفكرة هو شعورك بالدوخة.

    العميل : نعم

    المعالج: كيف تفسر إذا كونك قد شعرت بالدوخة مئات المرات ولم يغمى عليك مرة واحدة؟

    العميل : حتى الآن أعتقد أن النوبة تتوقف في الوقت المناسب أو أنني أمسك بالأشياء القريبة مني حتى لا أسقط

    المعالج: إذن احدى التفسيرات المحتملة لكونك تشعر بالدوخة بصورة متكررة وتفكر في أنك ستسقط على الأرض ، وأن ذلك لم يحدث هو أنك تقوم بتصرفات تمنع حدوثه في الوقت المناسب . على كل حال هناك احتمال بديل ، وهو أن الشعور بالدوخة الذي تعاني منه أثناء نوبة الفزع لن يؤدي إلى اصابتك بالإغماء حتى ولو لم تحاول منع حدوثه؟

    العميل: ممكن

    المعالج: لكي يكون بالإمكان التعرف على صحة أحد هذين التفسيرين لا بد من معرفة ماذا يحدث في الجسم قبل حدوث حالة الإغماء ، هل تعرف ماذا يحدث؟

    العميل: لا

    المعالج: لابد من حدوث هبوط في ضغط الدم، هل تعرف مالذي يحدث لضغط دمك أثناء نوبة الفزع؟

    العميل: تزداد نبضات قلبي، أعتقد أن ضغطي يرتفع.

    المعالج : هذا صحيح، في القلق تزداد نبضات القلب ويرتفع ضغط الدم في نفس الوقت ، وهكذا يكون احتمال اصابتك بالإغماء عندما تكون قلقاً أقل من احتمال اصابتك بالإغماء عندما لا تكون قلقاً

    العميل: هذه فكرة مثيرة تستحق الوقوف عندها، ولكن إذا كان ذلك صحيحاً فلماذا أشعر بالدوخة؟

    المعالج: يعتبر شعورك بالدوخة مؤشراً على أن الأعراض الجسمية التي تحس بها ليست إلا رد طبيعي لإدراكك لوجود خطر. معظم ردود الفعل الجسمية التي تلاحظها عندما تكون قلقاً ، تدخل ضمن الطريقة التي يتعامل بها الانسان مع التهديد كما يحدث عندما يكون الانسان أمام أسد جائع، مالذي ستفعله في هذا الموقف؟

    العميل: ابتعد عنه بأقصى سرعة

    المعالج: نعم، ولكي تتمكن من ذلك تحتاج إلى أكبر قدر من الطاقة في عضلاتك ، ويتحقق ذلك من خلال ارسال المزيد من الدم إليها مما يقلل كمية الدم التي تذهب إلى المخ، وهذا يعني ان نسبة الاكسجين التي تصل إلى المخ تقل مما يسبب الشعور بالدوخة . هذا الشعور بالدوخة لا يسبب الإغماء لأن ضغط دمك بصورة عامة يرتفع.

    العميل : هذا واضح جداً ،إذن في المرة القادمة التي أشعر بها بالدوخة سوف أجس نبضي ، فإذا كان طبيعي أو أسرع من العادة عرفت أنني لن أصاب بالإغماء.

    المعالج: نعم ، والآن بناء على ما تمت مناقشته حتى الآن إلى أي مدى تصدق بأنك سوف تصاب بالإغماء أثناء نوبة الفزع؟

    العميل: أقل من 10%

    المعالج: وعندما تكون تحت تأثير النوبة ؟

    العميل ربما 25%

     

    المراجع:

    كتاب: المرشد في العلاج الإستعرافي السلوكي للد.ناصر بن ابراهيم المحارب

    موقع ويكيبيديا