د.امل المنصوري

 

يعد علم النفس المعرفي القوة الثالثة في علم النفس مع التحليل النفسي والسلوكية , فهو لا يعتمد اللاشعور أو الارتباط بين المنبه و الاستجابة , بل أنه يعطي لمدركات الفرد كحالة وسط بين المنبه والاستجابة الأهمية الرئيسة في تفسير السلوك الإنساني, ذلك التفسير الذي يقوم على دعامتين أساسيتين هما:

1- إدراك المرء للعالم الداخلي والخارجي.

2- معالجته لما يدرك.

إن جميع أنواع النظرية المعرفية في العلاج النفسي والإرشاد تتفق في الافتراض بأن الاضطرابات النفسية هي حصيلة لعمليات التفكير اللاعقلانية اللاتكيفية, وإن الأسلوب الأمثل للتخلص منها يمكن في تعديل تلك العمليات العقلية المعرفية ذاتها،

ولذلك يركز العلاج المعرفي على تغيير طريقة تعامل الشخص مع المعلومات وأسلوب معالجتها, لأن النظرية المعرفية أساسيا انبثقت من افتراض مفاده أن الناس كثير ما يتبنون افتراضات خاطئة ويفكرون بطريقة غير صحيحة ويعالجون المعلومات بطريقه خاطئة, وبناء عليه فإن العلاج المعرفي يشتمل على اختبار صحة ومعقولية الافتراضات الخاطئة من جهة ومساعدة الفرد تحليل خبراته بواقعية أكثر والتفكير بطريقة صحيحة ومعالجة المعلومات بأسلوب بناء .

 

ويشير بيك Beck eh al ,1979 إلى هذه الأسلوب بقوله:

بالنسبة للمعالج السلوكي تعتبر عملية تعديل السلوك هي النهاية بحد ذاتها, وبينما للمعالج المعرفي تعني النهاية له هي التغيير المعرفي”أي أن العلاج المعرفي يركز على تعديل البناء المعرفي للفرد بواسطة تصحيح المدركات الخاطئة وعادات التفكير السالبة, ومما ينتج عنه تعديلا حتميا للسلوك العام. لذا يسلم الاتجاه المعرفي في العلاج بأن سلوك الفرد وعملياته النفسية أما أن يتوقف على الطريقة التي يدرك بها الأشياء ويفكر فيها, أو على توقعه للطرق التي ستحدث فيها أشياء معينة, أي أن السلوك الفرد تحكمه إلى حد بعيد عوامل معرفية وفكرية كالتوقع وطريقة التنبؤ بحدوث الأشياء فضلا عن الاتجاهات والمعتقدات التي يحملها عن الأشياء والعالم وذاته. فهناك أهمية كبيرة لتأثير العوامل المعرفية والإدراكية على آثار الاضطراب في السلوك, ولهذا السبب تطورت بعض الفنيات العلاجية للتأثير المباشر في طريقة التفكير بهدف العلاج النفسي وهكذا نمت اتجاهات العلاج المعرفي –السلوكي التي تتفق في مجملها على تأكيد أن نجاح العلاج النفسي يجب أن يكون مصحوبا بتحسن في طريقة تفكير الفرد ,وإدراكه لذاته والعالم .

 

ويقوم العلاج المعرفي على عشرة مبادئ تكاد تشترك فيها كافة التيارات الواقعة في إطاره المعرفي العام:

1- اعتماد التصور المعرفي لتفسير الاضطراب النفسي, فما الاضطراب إلا خلل في التفكير يؤدي إلى أخطاء في الإدراك , ويأتي العلاج وسيلة لاصطلاح هذا الخلل.

2- العلاج المعرفي مؤقت قصير المدى

3- العلاقة العلاجية الصحيحة شرط ضروري للعلاج المعرفي الفعال

4- العلاج عبارة عن مساعٍ مشتركة بين المعالج والفرد.

5- يستخدم العلاج المعرفي الطريقة السقراطية أساساً, أي كثرة استخدام الأسئلة.

6- العلاج المعرفي بنائي وتوجيهي.

7- علاج يتوجه إلى حل المشكلة

8- يبنى على غرار النموذج التربوي

9- تقتصر تقنيات العلاج المعرفي على طريقة الاستنتاج

10- الواجب المنزلي هو سمة مركزية من سمات العلاج المعرفي،

 

والعلاج المعرفي يوظف نوعين من الفنيات:

سلوكية ومعرفية

تشمل السلوكية منها على:

1- جدولة الفاعليات ( وضع تخطيط للفاعليات اليومية ساعة بساعة, وتسجيل كل فعالية تم إنجازها بالفعل)

2- التقديرات الأسبوعية للتفوق ( الإحساس بالانجاز) وللمتعة( المشاعر السارة المرافقة للفعالية المنجزة)

3- تبويب وتسلسل الواجبات التي يتكلف بها الفرد

4- أعادة التجريب المعرفي.

5- التأكد على التدريب

6- لعب الأدوار.

أما الفنيات المعرفية فتتضمن:

1- طريقة العمود الثلاثي: triple-column   تسجيل الأحداث المرافقة للأفكار الأوتوماتيكية ,وملاحظة المشاعر المرافقة لها , ثم أحداث تغيير في التفكير والتصور.

2- العلاج البديل الخياري : البحث عن الأفكار البديلة التي تسهل حل المشكلة الفعال

3- فنيات التخيل الباعث (ألاستحثاثي).

4- فنيات إعادة العزو( تطبيق قواعد المنطق على الحقائق)

ومن الواضح أن تعيين الواجب المنزلي يعد عنصرا أساسيا ومهما في العلاج المعرفي.