كلمات عميقة ورائعة أبدع فيها البروفيسور د.راشد السهل، أول خليجي يحصل على ترخيص واعتراف من (أكاديمية العلاج المعرفي) في أمريكا ومؤلف كتاب (المستشار الوافي في حل الخلافات الزوجية). أبحرنا معه في رحلة تجربته مع العلاج المعرفي ولم يبخل علينا بآرائه وخلاصة تجربته .. فكلنا امتنان لعظيم كرمه ..
س/ ما الذي دفعك لاختيار العلاج المعرفي كمجال للعلاج النفسي؟
لقد كنت ومازلت أعمل في الإرشاد النفسي منذ عام 1989 بعد حصولي على درجة الدكتوراه في شهر أبريل من ذلك العام في مجال الإرشاد النفسي من جامعة نورث ويلز بالمملكة المتحدة، خاصة وأني حاصل على درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1983 في مجال علم النفس التربوي حيث كانت البداية في عملي كمرشد نفسي. فقد كان الكثير من مقررات درجة الماجستير تتطلب العمل مع الأطفال ومتابعة حركاتهم وسلوكياتهم في المدرسة وهم يلعبون ويدرسون. وبعد رجوعي من الولايات المتحدة الأمريكية عملت في مجال الإرشاد النفسي المدرسي لفترة محدودة ولكنها كانت كافية بالنسبة لي لاختيار هدف جديد في حياتي وهو أن أكون متخصص في الإرشاد النفسي. وبناءا عليه سافرت إلى المملكة المتحدة أواخر عام 1986 وكان في ذهني هدف واحد وهو أن أحصل على درجة الدكتوراه في مجال الإرشاد النفسي ، ولكن كما تعلمون بأن درجات الدكتوراه في المملكة المتحدة لا تقوم على كورسات/ مقررات كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما على رسالة يعدها الطالب في مجال تخصصه، وهنا كانت البداية الحقيقية حيث اخترت رسالة تتضمن تطبيق الإرشاد الجمعي مع الأطفال لعلاج مشكلة الخواف المدرسي school phobia وبعد حصولي على درجة الدكتوراه في أبريل 1989 عملت أستاذا في جامعة الكويت لمقررات الإرشاد النفسي والصحة النفسية، حيث بدأ مشواري الميداني مع الإرشاد النفسي. لقد كان تركيزي واهتمامي في ذلك الوقت على استخدام الإرشاد السلوكي مع الأطفال وبناءا عليه وجهت كل أبحاثي ودراساتي في مجال استخدام الإرشاد السلوكي في علاج المشكلات السلوكية عند الأطفال والمراهقين.
وبعد تحرير الكويت من العدوان العراقي عام 1991 تم إنشاء مكتب الإنماء الاجتماعي لتقديم كل العون اللازم في مجال الإرشاد النفسي للمتضررين نفسيا من أطفال ومراهقين وأسرهم حيث عملت على تطوير قدراتي ومعلوماتي من خلال تلقي دورات مكثفة في مجال علاج الصدمات النفسية وفي نفس الوقت اكتشفت من خلال عملي الميداني بأن المشكلات التي يعاني منها معظم البالغين ليست سلوكية بالدرجة الأولى كما هو الحال عند الأطفال، بل ذهنية (أي وجود أفكار مشوشة وخاطئة ) كثيرة أثرت على الحالة النفسية عند هؤلاء الضحايا مما أستدعى مني إجراء تغيير في سير عملي من التركيز على استخدام العلاج السلوكي، إلى استخدام العلاج السلوكي المعرفي، أو المعرفي فقط، وبالتالي وجدت من المهم تطوير مهاراتي الفنية والعلمية في مجال استخدام الإرشاد المعرفي، فكثفت قراءاتي وحضور عدد كبير من المؤتمرات وورش العمل، ولكني لم أجد بد من الحصول على ترخيص من مؤسسة عالمية قائمة على العلاج المعرفي، ومن هنا دخلت في مرحلة جديدة في حياتي بمخاطبة أكاديمية العلاج المعرفي في الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الحصول على ترخيص مزاولة الإرشاد المعرفي وفعلا تم لي ذلك بعد التدريب الفعلي على ممارسة الإرشاد المعرفي في الأكاديمية تحت يد وإشراف عدد من المختصين في هذا المجال في الأكاديمية، وقد حصلت على ترخيص مزاولة الإرشاد المعرفي عام 2003 من أكاديمية العلاج المعرفي Academy Of Cognitive Therapy التي أسسها العالم المعروف آرون بيك Aaron Beck في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أحضر معظم المؤتمرات التي عقدت في مجال الإرشاد المعرفي، كذلك لتطوير معلوماتي ومهاراتي أكثر انتسبت لعدد من الاتحادات العالمية في مجال الإرشاد والعلاج المعرفي ومن أبرزها الاتحاد البريطاني للعلاج السلوكي والمعرفي British Association for Behavioural and Cognitive Psychotherapy واتحاد العلاج السلوكي والمعرفي Association for Behavioral and Cognitive Therapy وبطبيعة الحالة أنا أيضا عضوا في أكاديمية العلاج المعرفي.
س/ العلاج المعرفي بين الشرق والغرب .. كيف تراه بالنسبة للمعالج وللعميل؟
بالنسبة للإرشاد أو العلاج المعرفي فهو لا يختلف كثيرا بين الشرق والغرب لأن المبادئ التي يقوم عليها العلاج المعرفي في الشرق والغرب هي واحدة ، والشيء الأساسي الذي يختلفان فيه هو المعالج نفسه وما يحمله من قيم وأفكار ومبادئ حول نظرية العلاج المعرفي وحول مجتمعه، بجانب ذلك يمكن أن يتطلب من المعالج الغربي الذي يرغب بالعمل في الشرق الإلمام كثيرا بقيم المجتمع وعاداته وتقاليده، خاصة العامة والتي ترتبط بدينه.
س/ ما مدى تأهيل المعالج العربي لممارسة العلاج المعرفي؟
بالنسبة للمعالج العربي أعتقد بأن أمر تخصصه في نظرية معينة مازال محدود جدا، خاصة ونحن نعرف بأن جامعاتنا ومعاهدنا لا تقدم برامج تخصصية في مجال النظرية المعرفية أو غيرها، وإنما تقدم إرشاد نفسي عام، وبالتالي نجد إعداد المتخصصين في مجال العلاج أو الإرشاد المعرفي محدود جدا على مستوى الوطن العربي.
س/ ماهي الصعوبات والعقبات في طريق تطوير المعالج حاليا؟
بالنسبة للصعوبات التي تواجه تطوير المعالج حاليا تتركز في الآتي:-
– عدم وجود جامعات أو كليات أو حتى مراكز متخصصة في الإرشاد النفسي يستطيع المعالج العربي أن يطور من إمكانات ومعلوماته ومهاراته وقدراته في مجال تخصصه.
– ضعف الدعم المادي والمعنوي الذي يحتاج إليه المعالج والمرشد النفسي في عمله، خاصة ونحن نعرف بأن هذه الوظيفة تتطلب الكثير من الصبر والمثابرة لتحقيق نتائج ملموسة ومادية مع العملاء، لذلك أصبحت هذه الوظيفة طاردة في الكثير من الدول العربية.
– ضعف وقلة المؤتمرات والندوات واللقاءات التي تعقد بين المختصين في هذا المجال مما يترتب عليه ضعف تطوير وتبادل الخبرات بين هؤلاء المتخصصين في مجال الإرشاد النفسي، خاصة المعرفي.
س/ كيف يمكن للمعالج تطوير نفسه والارتقاء بمستواه العلمي والمهني؟
بالنسبة لتأهيل المعالج العربي لممارسة العلاج المعرفي فأن الأمر يتوقف بالدرجة الأولى على جهده الذاتي وإمكانياته المادية ، لأن لا يوجد لدينا مراكز أو معاهد تقدم تدريبات تخصصية على العلاج المعرفي، فإن المعالج العربي يحتاج إلى المشاركة بكثافة في اللقاءات والمؤتمرات العلمية في مجال الإرشاد والعلاج المعرفي، كما عليه تكثيف قراءته في هذا المجال، وإذا استطاع حضور دورات أو ورش عمل تعقدها جهات تخصصية في أوربا أو أمريكا بالتأكيد ذلك أفضل، كما يمكنه مزاملة المتخصصين في العلاج المعرفي في بلده إذا توفر له ذلك.
عدم وجود ترخيص معتمد للممارسين في الإرشاد النفسي، بشكل عام والمعرفي بشكل خاص، مما يترتب عليه قيام الكثيرين بممارسة الإرشاد النفسي دون ترخيص وبإمكانات وقدرات ومؤهلات محدودة وهذا بالتأكيد يسهم بشكل كبير في إضعاف هذا التخصص والمزاولين له.
س/ ماهو مستقبل العلاج والمعالج المعرفي في العالم العربي والخليجي ؟
بالنسبة لمستقبل العلاج والإرشاد المعرفي في الوطن العربي أو في الخليج أعتقد بأن المشوار مازال طويلاً أمامه على أمر تطوير الإرشاد النفسي بشكل عام والإرشاد المعرفي بشكل خاص. فالأمر لا يتوقف على وجود أشخاص متخصصين فقط وإنما على وجود جامعات ومعاهد ومراكز علمية توفر بيئات علمية مناسبة للدراسة والبحث وهذا الأمر غير موجود على المنظور القريب في وطننا العربي، وأرجو أن لا يُفهم من كلامي هذا بأني متشاءم وإنما هذا هو واقعنا العربي.
س/ ما هي أهم ثلاث مهارات يلزم المعالج اتقانها؟
أهم ثلاث مهارات مطلوب من أي مرشد أو معالج معرفي إتقانها هي:-
1) القدرة على تبصير المراجع بالعلاقة بين أفكاره ومشاعره.
2) القدرة على مساعدة المراجع على تغيير أفكاره من أجل تغيير مشاعره.
3) القدرة على استخدام علمه من أجل إحداث تغيير إيجابي في تفكير المراجع بوجود حل لمشكلته.
س/ما هو انتاجك العلمي واصداراتك؟
إنتاجي العلمي يتضمن أكثر من 22 بحث علمي تتضمن بحوث في الإرشاد السلوكي الجمعي والإرشاد الفردي والمعرفي والديني، كما قمت بتأليف أربعة كتب في الإرشاد النفسي الزواجي والطفولة. كما قمت بتحكيم أكثر من 30 بحث علمي في مجال الصحة النفسية والإرشاد النفسي.
س/ ماهو شعارك في الحياة؟
شعاري في الحياة استثمر عقلك تسعد حياتك. فالله تعالى ميّزنا عن كل الكائنات بالعقل الذي يحمل أفكارنا، إذن استثمار عقولنا بطريقة صحيحة هو المحرك الحقيقي لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا، وما يصيبنا هو من كسب أيدينا امتثالا لقوله تعالى “كل نفس بما كسبت رهينة” إذن سعادتنا بين أيدينا.
س/ ما هي تطلعاتك كمعالج معرفي؟
وصية طموحة أقدمها لكل المهتمين والعاملين من معالجين ومرشدين نفسين، خاصة في المجال المعرفي، بأننا في الوطن العربي نزخر بالكثير من الكفاءات العربية في مجال التخصص ونحتاج إلى تواصل بفاعلية أكثر وتحرك أكثر، وإن تطوير العلاج والإرشاد النفسي في بلادنا يتوقف علينا، وإننا لن نستطيع تطويره إذا لم نطور أنفسنا بالمزيد من العلم والخبرة من خلال تواصلنا وحضورنا لمؤتمرات ولقاءات علمية في مجال الإرشاد والعلاج المعرفي.
س/ وصية تختم بها توجهها للمعالجين؟
وأنني أتقدم أخيرا بهذا المقترح وهو تنظيم ملتقى عربي للمهتمين في مجال العلاج والإرشاد النفسي لتكوين رابطة أو جمعية تقوم بتنظيم العمل بطريقة احترافية وتعمل على نشر هذا العلم في الوطن العربي.
أ.د. راشد السهل
ملخص السيرة الذاتية للأستاذ للدكتور راشد علي السهل
أولا : المؤهلات العلمية :
1- درجة الدكتوراه من المملكة المتحدة في مجال الصحة النفسية والإرشاد النفسي عام 1989.
2- درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية في مجال علم النفس التربوي عام 1983.
3- شهادة ترخيص عالمية من الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الإرشاد النفسي المعرفي 2003.
4- درجة البكالوريس من جامعة الكويت تخصص علم النفس عام 1980.
5- الحصول على عدة شهادات علمية محلية وعالمية في دورات تخصصية في مجال الإرشاد النفسي.
ثانياً : المناصب الإدارية والوظيفية :
1- أستاذ دكتور في قسم علم النفس التربوي بكلية التربية، جامعة الكويت منذ عام 2006.
2- أستاذ مساعد في قسم علم النفس التربوي بكلية التربية، جامعة الكويت 1997-2006.
3- مدرس (دكتور) الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة الكويت 1989- 1997.
4- عضو المجلس الأعلى للتعليم في دولة الكويت (قرار مجلس الوزراء) 2005- 2007.
5- عميد كلية التربية ، جامعة الكويت 2002 – 2007.
6- رئيس قسم علم النفس التربوي بكلية التربية في جامعة الكويت 1997-2001.
7- رئيس وحدة الإرشاد النفسي في جامعة الكويت 1992-1997.
8- استشاري نفسي طفولة ومراهقة فى مكتب الإنماء الاجتماعي /الديوان الأميري 1992-2006.
9- استشاري علاقات أسرية وزواجية – وزارة العدل منذ عام 2000 حتى الأن.
ثالثا: نشاطات علمية أخرى
1- إجراء وتحكيم أكثر من خمسين بحثا في مجال الصحة النفسية والإرشاد النفسي.
2- تأليف مجموعة من الكتب في مجال الصحة النفسية والإرشاد النفسي.
3- كتابة العشرات من المقالات الصحفية في مجال إرشاد الأطفال والشباب.
4- المشاركة في العشرات من المؤتمرات واللقاءات العلمية التخصصية الأقليمية والعالمية.
5- عضو في العديد من الهيئات والاتحادات الأقليمية والدولية في مجال الصحة النفسية والإرشاد النفسي.
أعضاء اكاديمية العلاج المعرفي في المؤتمر السنوي للجمعية الاوروبية للعلاج المعرفي السلوكي عام 2005 م في قبرص .
الصف الأول: من اليمين لليسار (أ.د. راشد السهل، جووب مييرز، آرت فريمان وزوجته شارون، ديبوره دوبسون، جوديث بيك)
الصف ثاني: من اليمين لليسار (إيمانويل ميدنبيرج، هاكان توركابار، فيل كيندال، توليو سكريمالي، جيلبيرت بينارد، روبرت ليهي
التعليقات