على مدار العقد الماضي , جرت تطورات هامة في مجال العلاج المعرفي لمرضى الفصام عملت على تحسين مبادئه و استراتيجياته العلاجية و قد أظهرت دراسات موسعة في هذا المجال نتائج هامة تعود بالجدوى على الحالات التي لم تخضع للعلاج …. و يمكن أخذ فاعلية تلك النتائج بعين الاعتبار لأجل الحد من استفحال المرض في مراحله المبكرة .
بداية , سيتم إيجاز مفاهيم و استراتيجيات (state- of-the art) المتبعة من قبل المعالجين المعرفيين لأجل الخوض في الأعراض المعرفية السلبية و الإيجابية , و من ثم يتبعها استعراض التجارب الإكلينيكية .
بدخول العالم إلى الألفية الثالثة , ظهر أفق جديد في مجال معالجة الفصام , فقد دلت البراهين العملية باجتماعها على إن العلاج المعرفي له فاعلية علاجية كبيرة على حالات إدمان المخدرات و ما تخلفه من أعراض . بالإضافة فإن ذلك المدخل يحمل فهما أعمق للحالات المصابة بإضطرابات عميقة , و على عكس الأسلوب الأكلينيكي المتبع في تشخيص الفصام ,من جراء عمليات المسح على أدمغة الحالات الغير سوية و اختبارات الذاكرة و الانتباه وبقية العمليات المعرفية (التي تظهر نتائجها عادة ضعفا في الاستجابة ) , فإن الأسلوب الجديد لفهم مرض الفصام يأخذ المصاب بعين الأعتبار على أنه فرد كامل و قد طرأت عليه بعض الاضطرابات و العوامل النفسية و التي عوقت سلوكه و مساره السوي , فيترتب عليه في تلك الحالة القيام بالبحث و التمحيص في أفكار و معتقدات المصاب الخاصة .
و على وجه التخصيص , فإن المعالجين المعرفيين يعتبرون تلك الظاهرة (أي الفصام ) على أنها حالة من الوهم تبعث على الإحساس بالضيق , أو أنها تتجسد على شكل هلوسات مسببة للحزن و الألم . و تعتمد مدى خطورتها و تعقيدها على مدى رد الفعل المنعكس عن الإحساس بالتعويض لسوء المعاملة و الإحباط و الخوف .
و بدراسة و تحري تلك الأعراض النفسية , يمكن للمعالجين أن يتبينوا الصفات المميزة لكل من المشاكل النفسية الأكثر شيوعا : الاكتئاب , الرهاب بأنواعه , اضطراب القلق العام , الوسواس القهري , و اضطراب ما بعد الصدمة, وعندها يمكن إتباع الإستراتيجيات العلاجية المناسبة لتلك الحالات , المتبعة في العلاج المعرفي .
إن الحساسية العصبية العالية (neuro-develompetal vulnerability) التى يصاب بها المريض تولد لديه قابلية التأثر الشديد لدى مواجهة ضغوطات الحياة الطبيعية التي يصادفها أى شخص عادي . ولا تلاقي تلك الحالات الرعاية و العناية السيكولوجية من الجهات المختصة, إضافة فإن الكثير من الحالات العصابية الاستثنائية من التي تعرضت للقسر لأجل دخول المستشفى لتلقي المعالجة و أخضعت لسلوك الرقابة و التحكم , فأخذت سمة اجتماعية غير محببة إلى جانب المعنويات المحبطة الناتجة عن الانتكاس المتكرر لحالة الاضطراب المزمن , و بالتالي فأن مسألة علاجية تطرح نفسها و هي أن آلية العلاج المعرفي تسعى لاتخاذ صيغة معينة .
*- الرؤية المعرفية الواضحة لمرض الفصام:
لقد قام معهد BECK منذ حوالي 50 سنة بشرح يصف فيه المعالجة المعرفية التي أجريت لمصاب في الثامنة والعشرين من العمر حيث كان جنديا مشاركا في الحرب العالمية الثانية , خضع لنظام علاجي لمقاومة الهذيان لمدة سبع سنوات , و عند عودته من الحرب , سيطر عليه اعتقاد أن العناصر السابقين للوحدة العسكرية التي كان ينتمي إليها صاروا يعملون لمصلحة مكتب الاستخبارات المركزي لأجل مراقبة نشاطاته , و نتيجة لأصابته بذلك الاعتقاد الزائف تولدت لديه حالة انفصام ترافقت مع قلق شديد . فأجريت له جلسات علاجية حيث كانت 30 جلسة على مدى 8 أشهر . و يكون التركيز في العلاج على نتائج وضع سابق أخضع فيه لنظام علاجي من الهذيان , و كذلك على نتائج امتحان الواقع و آلية عمله في سبيل تصحيح و تعديل الأعتقادات التي طرأت على المصاب , و يكون ذلك عن طريق طرح أسئلة تختبر طريقة الأدراك لأحداث معينة يتحدد مفهومها عدة أوجه .
و بعد أن أخذ المصاب كفايته من العلاج عاد الى مساره السوي و تحرر من أعتقاده الراسخ بأنه مراقب ,و مع مضي عقدين من الزمن ظهرت تقارير جديدة عن هذه الحالات نتيجة لبحث معرفي أجرى على ثمانية مصابين بحالة هذيان. وقد خرجت النتائج من خلال طروحات متأنية تأخذ باعتبارها استبيان الدافع التي حمل على ايجاد وترسيخ المعتقدات الزائفة عند المصابين حيث بدأت نظراتهم لتلك المعتقدات تتخذ شكل الفرضيات القابلة للجدل والإنتعاش بعد ان كانت بصورة حقائق صلبة ومطلقة.
وبعد ذلك اتخذ بعض الباحثين الإكلينيكيين تلك الرؤيا المعرفية ذاتها في ابحاثهم فخرجوا بتقارير ذات فعالية مفيدة تماثل النتائج السابقة.
عملت الدراسات المخبرية الحديثة التي تقوم على اختبار الية العلاج المعرفي للمصابين بالفصام على تعميق ادراك تلك النزعات التي ينحاز اليها المصابين والتي من شأنها تضليل الإدراك الحي وترسيخ معتقدات زائفة. فقد أثبتت الدراسات على ان المصابين بالفصام الهذائي على سبيل المثال ينحازون بإدراكهم الحي الى الظن بأن الأخرين يضطهدونهم فيشكل ذلك عاملا داخليا محفزا ضد الآخرين بشكل دائم وبنظرة أقرب لتلك الحالات نرى أن لديهم نزعات أكثر من غيرهم الى نسب احباطاتهم وآلامهم وحظهم العاثر الى الآخرين عن النزوح الى الموضوعية والأخذ بالمسببات الرئيسية كماتظهر تلك الحالات قلة في إحترام الذات وأظهرت الدراسات المتعلقة بمجالات الهلوسة وجود ذات النزعات لدى الهذائيين.
إن الأشخاص الذين تتملكهم حالات سماع الأصوات فإن تلقي تلك الأصوات أو ايقافها يكون خارج عن السيطرة .
يعتمد الإسلوب التطبيقي للعلاج المعرفي بشكل اساسي على عدة ملاحظات وشواهد تتعلق بالمريض، فالمصاب بالذهان لايتسم بعد بالسواء والعقلانية في جميع احواله واوضاعه وانما يستحوذ الذهان على حيز من مداركه ويمكن ان يجد العلاج نفعا مع تلك الحالات وعلى العكس من الإعتقادات الشائعة فإن اصابات الهلوسة والهذاءت لا تعطل المدارك الحسية ولا تعزل مشاعر النفس عن مؤثراتها. وعلى المدى البعيد يمكن لهذه الأعراض أن تتفاقم أو تتحسن حسب العوامل والمؤثرات المحيطة بالحالة.
بالمحصلة اصبح من الممكن ادراك تشابه السمات التي تنفرد بها اعراض الهلوسة والهذاء والإضطراب الفكري وأصبح من الممكن جعلها ضمن إطار واحد .( أو أصبح من الممكن توحيد مفهومهما)
تأخذ الرؤية الواضحة للنظرية المعرفية باعتبار المرض على أن شخص تفرد بالحالة التي نشأت لديه ضمن ظروف وعوامل محددة أو اثناء فترة العلاج فإن عامل الثقة والتعاون المتبادلين بين المريض ومعالجه له تأثير جيد على فاعلية العلاج وعادة ما تتطلب حالات الذهان وقتا اطول وجهد اكبر من غيرها من الحالات لأجل توطيد عوامل الثقة والتعاون بين المصاب والطبيب وهي نفسها العوامل التي تتطلب قيامها بين المريض ومعالجه أثناء القيام بالعلاج المعرفي على حالات الإحباط مع استخدام اسلوب الطرح اخذين باعتبارهم أستبيان معتقدات وآراء المريض الخاصة.
بلوغا الى الإستيضاح تام فإنه من المفيد القيام بنقاش حالات الهلوسة والهذاء والأعراض السلبية كل على حدة من خلال تجارب عملية.
*- الأصوات: Voices:
عند القيام بنظرة فاحصة الى طبيعة الهلوسات السمعية فإن المدخلات العلاجية حيث يولي المعالجون الأهمية للبحث والسؤال عن مدى تكرار تلك الأصوات المسموعة وزمن بقائها وشدتها ومتغيراتها ويجب الأخذ بالاعتبار اثناء البحث الظروف التي تؤدي الى حدوث تلك الأصوات التي من شأنها ان توقفها أو تخففها وكذلك البحث عن ماهية الأحداث التي مر بها المصاب قبل الإصابة بالهلوسة وأدت الى ظهورها الأول وأيضا السؤال عن العوامل او القوة التي يظن المريض انها مصدر الأصوات (سواء كانت مصادر سماوية او من باطن الأرض) وكذلك استبيان رد فعل المصاب عن دخوله حالة الهلوسة، وهي تكون في البداية مفاجئة يعقبها ارتباك، شك، خوف غضب، حزن وفي حالات نادرة يسيطر على المصاب شعور بالفرح او عدم المبالاة.
في معظم الحالات يتعامل المصابون مع الأصوات وكأنها صادرة من اشخاص حقيقيين موجودين في الواقع ومنها تنشأ علاقة بين شخصيته وبين المصاب والصوات (اي بين الشخص ونفسه) ويمكن ان يبلغ المصاب درجة كبيرة من التصديق بها لما تتسم بالإلحاح ولما تحمله من سلطة ونفوذ على النفس او انها تدعى الصور عن السماء او من قديس يتحدث احاديث دينية يشعر المصاب عادة في تلك الحالات بأنه مسلوب الإرادة ويكون شديد التأثير والحساسية ويائسا محبطا ويمكن تخفيف درجة التصديق بتلك المؤثرات عن طريق عدة استراتجيات علاجية يمكن اتباعها ويمكن لهذه الإعتقادات العشرية ان تضبط ويوجه عن طريق الشرح والتوضيح للمصاب بأنه قادر على تلقن أو (استهلال) تلك الأصوات وتخفيضها أو ايقافها تماما.
وتتم عملية التدريب على تلقن الأصوات من خلال استحضار منبه حسي معروف داخلي أو خارجي الى الذاكرة ويمكن لبعض الشروحات أن يكون لها جدوى علاجية عندما تأخذ باعتبارها الكيفية التي تعمل بها وظائف الدماغ لتولد أفكار أو خواطر صوتية أو كلامية وأخيرا يمكن القول انه اذا تم توضيح أن تلك الأصوات هي بالأصل تعكس الأفكار والخواطر التي تتعلق بالحاضر والماضي فإن هذا التوضيح سيقود الى مسألة آخرى وهي أن تلك الأصوات ببساطة تمثل موقف المصاب من ذاته وطريقة نظرته إليها أو أنها تجد الكيفية التي ينظر إليها الناس إليه حسب اعتقاده.
*- الهذاء Delusions الضلالات:
بالإضافة الى ما تنفرد به سمات وأعراض حالات الهذاء فإنها تقارب صورة الأعراض التي يصاب بها المرضى الغير ذهاينين. ولكن الفارق الأساسي هو أن الأنحرافات التي تطرأعلى المدارك قابلة للأنحسار بشكل أسرع عند الأفراد الغير ذهانين في حال لم يخضعوا للنقاش عن حالتهم أو لإمتحان الواقع والأشخاص الذهانيين يتعاملون مع الفرضيات على أنها حقائق ويتصور من الخيالات على أنها وقائع.
إن محتوى الذهان الهذائي يعكس في مضمونه الإهتمامات اليومية للشخص المصاب وكذلك يعكس العلاقات البينشخصية: الإحساس بالإضطهاد والقبوع تحت تأثير السلطة والنفوذ والشعور أنه معرض للتلاعب والتحكم واالنظرة الدونية وتعتبر “التمركزية” هي أكثر العلاقات البارزة لحالات الهذاء حيث يعتبر المصاب نفسه أنه محور اهتمام الكون ويعرفون مسببات كل الأحداث والوقائع الى أنفسهم.
يأخذ البحث العلاجي لتلك الحالات في مساره منحنى من شأنه العمل على اضافة وإلغاء احساس التمركزية فالقيام بسؤال المريض عن أصل طبيعة دوافع مرضه يمكن أن يعطي الإمكانية الى خوض نقاش مفتوح له جدوى علاجية . وعادة ما يتخذ المعالجون في بداية العلاج أسلوبا معينا بحيث يعطي تفسيرات وتاملات تدور في تلك الأراء والمعتقدات الأكثر ترسخا في نفس المريض فعلى سبيل المثال يمكن للمعالج أن يطرح سؤالا أو عدة اسئلة على المريض من شأنها إظهار الصورة الحقيقية لتلك المعتقدات الزائفة مما يستدعي المريض القيام بإعادة النظر فيها.
نجد أن بعض المصابين يتخذون صيغة خاصة في تأويل وتفسير الأحداث حيث تتملكهم قناعة تامة بأن ما يعترضهم من مضايقات وأحداث مزعجة خلال مسارهم اليومي هو نتيجة لمؤثرات متحدة ضدهم من قبل مجموعة تتعمد إزعاجهم كتأخير توصيل ملابسه من المغسلة أو حدوث صوت مزعج صادر من شاحنة أثناء قيلولته أو أن أحد أخفى دفتر ملاحظاته وعندها تتخذ المساءلات مسارها على النحو التالي :
هل يمكن لتلك الأحداث أن ؟ الى كونها مؤثرات مقصودة عن كونها مجرد مجريات عشوائية؟
ماهو الدليل على أن مسببات تلك الأحداث هي مجموعة متأمرة ؟
ما هي البدائل الممكنة لتلك التأويلات ؟
يمكن أن نطرح على المريض تساؤلات لأجل معرفة الآلية التي يقر أنها أفكار الآخرين وبعد الوصول الى الإستنتاجات عندها يمكن للمعالج أن يدخل في صلب تلك المعتقدات ويعمل على إلغاءها.
تعتبر عملية التركيز من إحدى أساليب المدخلات العلاجية حيث يطلب المعالج من المريض التركيز على أبرز الصفات التي يتسم بها المضطهد الذي يعتقد وجوده ويمكن لشخص معين ( كـ المعالج النفسي مثلا) أن يكون إطارا مرجعيا لعملية الوصف وعادة ما يتوجه تركيز المصابين نحو مراقبة السمات البارزة التي تظهر على المضطهد المفترض والتي قد لا تعكس صورة حقيقية عنه.
إن اتخاذ عدة اسباب من المدخلات العلاجية من شأنها أن تمكن المعالج من إزالة الإضطراب أو الخلل الذي طرأ على المدارك والسبب في حالة الهذاء.
*- الأعراض السلبية Negative Symptoms:
تأخذ الأعراض السلبية مكانها ضمن السلوكيات والحساسيات الشائعة: كمدة الشعور ، قلة الكلام ، العجز عن الإحساس بالمتعة ،التردد ، فتور الشعور واللامبالاة وأسلوب تفكير غير سوي. وإن معضم تلك الحالات وليس كلها تعزى الى حالات الإكتئاب فقد تكون ناتجة عن الأعراض الإيجابية الهلوسة والهذاءت.وقد تؤدي تلك الأعراض السابقة الى انطواء المريض على نفسه . إن إجراء العلاج التخفيفي لحالات الهلوسة والهذاء له تأثير مجد على باقي الأعراض المستعصية ويكون العمل على التخفيف من تلك الأعراض أو إلغاءها يدفع المصاب الى الإنشغال بشؤون الحياة العملية اعتمادا على مستوى أداءه العملي حيث تتجلى مهمة المعالج في سير ميول واهتمامات المصاب في مثل تلك الحالات ، والعمل على تنشيط علاقته الإجتماعية ودعم مهارته المهنية.
كما ويمكن لحالات الإضطراب الفكري التي تظهر أعراضها رمزية لغوية عالية وتشوشا في الأفكار ، أن تخفف من حدتها بحيث يقوم المعالج بمحاولة استخلاص الموضوع الذي تجسده التعابير الكلامية وذلك بالقيام بتأويل الرمزية اللغوية التي يتحدث بها المصاب وأسلوبه النحوي المفاجئ في الكلام الى كونهم تجسيدا لإهتماماته اليومية وعندها يتمكن المعالج من التركيز على مشاكل المصاب البينشخصية ونقله الى مستوى معرفي أعلى .
*- بنية الجلسات التتابعية Session by Session Structure
بنية نظام الجلسات المتتابعة:
انطلاقا من آلية أداء المعالجة المعرفية فقد أقيمت جلسات علاجية منتظمة ذات برامج ، حيث يتم التعاون بين المعالجين والمصابين ضمن اتفاقيات متبادلة لأجل الوصول الى الأهداف المطلوبة وما يتبع تلك الجلسات الجماعية من جلسات فردية يكون له نفس الجدوى التي تحدثها المعالجة المعرفية على بقية حالات الإضطراب النفسي ، حيث يشكل برنامج عمل محدد عند بداية كل جلسة ويتعاون المصاب والمعالج لأجل بلوغ الأهداف حسب أولويتها وفي نهاية الجلسة يطلب من المصاب القيام بمراقبة العوامل التي من شأنها أن تثير حالة الهلوسة أو المعتقدات الزائفة لديه وكذلك مراقبة الحالة المزاجية وملاحظة الخواطر السلبية الذاتية وعلاقتها من المزاج الكئيب أو ( السلبي) عندما يسجل وجود اختلاط وظيفي في المدارك ( الحسية والعقلية)
إن احتمال نشاطات البرنامج المحدد من شأنه أن يدعم عملية الموازنة بين المفروض منها ( أي النشاطات ) والأخرى التي بهدف المتعة وبين مايطلب من عمليات المراقبة الذاتية وذلك لأجل استبيان مسببات تلك المعتقدات الزائفة ولآجل التحكم بمجالات الهلوسة يتراوح زمن الجلسة عادة من15 – 45 دقيقة يتخللها استراحة قصيرة على فترات زمنية متقاربة مما يعطي المرونة والراحة والتي هي من أهداف نظام الجلسات المتتابعة أو (التتابعية).
The manual-based cognative therapy interventions were developed for delivery in individual format.وايضا فان الابحاث الاكلينيكية اظهرت ان المعالجة المعرفية التي تتم بشكل جماعي (العلاج الجماعي ) لها نتائج امنة ومجدية وعلى سبيل المثال قام “WYKES” وزملائه بوصف تجربة ناجحة تعتمد على القيام بالمعالجة المعرفية بشكل جماعي مع حالات الهلوسة السمعية حيث تضمنت ( 6) ست جلسات علاجية .
*- نتائج الابحاث Research finding :
لقد لاقت الابحاث ذات البرامج ( او الابحاث المبرمجة ) التي تعنى بأختبار مدى فاعلية العلاج المعرفي لمرضى الفصام انتشارا واسعا في انجلترا وكذلك فان الكثير من الدراسات الحديثة في الفصام جرت في ايطاليا . وبالرغم من وجود فروقات صغيرة في تلك الابحاث فيما يتعلق بالمدخلات العلاجية . فان جميع الابحاث قد اشتركت بوجهات محددة بشأن اسلوب العلاج المعرفي والية عمله .
تحديد وتقليص عوامل التكرار والانقطاع ، الالم ، الحزن التي تتلازم جميعها مع حالات الاصابة بالاعراض السلبية والايجابية .
دعم المهارات الفردية التي بحاجة الى صقل للحصول على نتائج افضل
العمل على تغيير وجهة النظر التي يرى معها المريض نفسه والتي تترافق عادة مع حالات الاصابة بالاحباط والاكتئاب .
*- هل يكون للعلاج المعرفي فاعلية علاجية اكبر اذا ترافق معه العلاج المضاد للفصام :
قام ” Garety” وزملائه بتجربة عملية قائمة على التوزيع المنظم لمجموعة من المرضى بحيث ان قسما منهم يخضع للعلاج عن طريق الرعاية العادية ( الاستشفائية ) والقسم الاخر يخضع للعلاج المعرفي اضافة الى العناية العادية ، والذي يجري كل اسبوع او كل نصف اسبوع على مدى 6 اشهر ضمن 22 جلسة كحد اقصى .
وقد نتج عن الدراسة ان المرضى الذين يتلقون العلاج المعرفي يظهرون تحسنا كبيرا ، وتكون حالة المريض في تلك الحالة توازي المستويات الدنيا من الاصابة بالاعراض الهذائية . وظهرت فروق بسيطة بين فريقي العلاج حول مؤشرات وجود خلل وظيفي في الادراك الحسي . مثل الاصابة بالاكتئاب وعدم تقدير الذات
وايضا أظهرت دراسات حديثة قام بها “Kuipers” وزملائه حيث عمدوا الى الاختيار العشوائي لاجل تشكيل فريق من المصابين ، احد الفريقين يتلقى معالجة معرفية اضافة الى العناية العادية وعددهم 28 مريضا .
والفريق الاخر يتلقى العناية العادية فقط وعددهم 32 مريضا بالفصام . وعلى مدى 9 اشهر من العلاج الفردي اسبوعيا او كل نصف اسبوع ظهرت تحسنات هامة على الفريق الذي خضع للعلاج المعرفي حيث تسجل انخفاظ في حدة اعراض القلق . كما بينت هذه الدراسة وجود نسبة ضئيلة من عدم المشاركة الجماعية ( 11%) بين المصابين ونسبة عالية من الاستفادة من المداخلات العلاج المعرفي السلوكي CBT
وفي بحث ملحق عن النتائج المتوقعه لهذه الدراسة ، اظهرت ان النتائج المتوقعه كانت تعتمد بالاساس على مرونة هذا العلاج . وهذه التوقعات لم تكن متطابقة مع النتائج العلاجية للفريق الاخر .
*- هل يعتبر العلاج المعرفي ذوفاعليه اكبر من العلاج المعين ؟
قام “Sensky” وزملاءه بعمل دراسة عملية على (90) مريضا بالفصام قاموا بتوزيعهم الى فريقين عشوائيا ، احداهم يخضع للعلاج المعرفي مع العناية العادية لمدة 20 اسبوعا والاخر يخضع للعلاج بأسلوب ” المصادقة اضافة الى العناية العادية وتم توحيد المعالجين وفترة تلقي العلاج الفردي في كل من الفريقين .
تعمل المعالجة التي تعتمد على أسلوب المصادقة على تشجيع المصابين الخوض في مواضيع عامة لا تبعث على القلق ( كالحديث عن الأوضاع الراهنة , الهوايات , العطل …) أظهر كلا الفريقين تحسنا و استفادة بشكل متقارب . و بعد متابعة العلاج لمدة 9 أشهر , أظهر المصابون الذين تلقوا العلاج المعرفي استفادة أكلينيكية أكبر , بينما أظهر الفريق الآخر انحسارا في الفائدة الإكلينيكية المكتسبة . و قد سجلت هذه الدراسة أيضا فائدة في تخفيف حالات الإكتئاب المتقطع.
قام Terrier في دراسة حديثة بفرز عشوائي لمصابين بحالة فصام يعانون من الأعراض الإجابية الدائمة , و كان التوزيع كالتالي :
1 – علاج معرفي يرافقه عناية عادية
2- عناية عادية مدعمة بالنصح و الإرشاد
3 – عناية عادية و تضمنت الشروط العلاجية (20) جلسة علاجية على مدى 10 اسابيع ألحقت بها 4 جلسات تعزيزية بفاصل شهرين بين كل جلسة .
و أثبتت النتائج الإكلينيكية : أن العلاج المعرفي هو الأفضل بكل المقاييس لحالات الهذيان و الهلوسة و الأمراض النفسية بشكل عام . أما المجموعة التي تلقت العناية العادية فقط , فقد عانى المصابين من انتكاسات و تسجيل دخولهم الى المستشفى عدة مرات , و بعد 12 شهر من العلاج المتمم خضعت لها المجموعة التي تلقت العلاج المعرفي و ذلك من أجل استمرارية الفائدة , ثبت أنهم يعانون من الأعراض الأيجابية بنسبة ضئيلة مقارنة بالمجموعتين الأخريين .
*- هل يعتبر العلاج المعرفي ذو فاعلية علاجية أكبر عندما يرافقها علاج دوائي مضاد الذهان ؟
قام Pinto و زملاؤه بدراسة لأهداف علاجية تعتمد على المقارنة بين مجموعتين : الأولى و عددها (19) تخضع للعلاج المعرفي , و الثانية و عددها (18) تخضع للعلاج المعين . و تشمل الدراسة المرضى المقيمين و الغير مقيمين و كانت بداية العلاج بأخذ جرعة فعالة من clozapine كان الهدف منها العمل على التخفيف من أعراض حالات الذهان و الأعراض الإيجابية و السلبية و من ناحية أخرى فإن المرضى الذين خضعوا للعلاج المعرفي سجلوا تحسنا أكبر من حيث التقليل من حدة أعراضهم مقارنة مع المصابين الذين تلقو العلاج المعين . و في دراسة غير مكتملة على مصابين تلقوا 6 أشهر من العلاج المتمم بعد الخضوع للعلاج المعرفي مع جرعات clozapine أظهروا تحسنا أكبر من حيث تقلص حدة جميع أنواع الأعراض الإيجابية مقارنة مع من خضع للعلاج المعين حيث تسجل لديهم تحسن على الأعراض السلبية بعد الخضوع للعلاج المتمم .
وحيث أن الأثر الكبير للعلاج المعرفي في هذه الدراسة لا يمكن أن ينسب الى تعاطي جرعات clozapine الذين كان مشمولا ضمن فريقي المعالجة , فأن الفائدة الكبيرة الحاصلة من العلاج المعرفي في هذه الدراسة , و مطلقا على مستوى جميع الدراسات هي أشارة الى الفاعلية العلاجية التي تحدثها المعالجة المعرفية عندما يرافقها استطباب مضاد الذهان .
*- هل يكون العلاج المعرفي فعالا في الطور الخطير من أطوار المرض ؟
قام Druy و زملاؤه باختبار فاعلية العلاج المعرفي على حالات متطورة من الذهان و عمدوا الى توزيع 40 مريض عشوائيا الى فريقين علاجيين أحدهم يتلقى علاجا معرفيا و الفريق الآخر هو عبارة عن مجموعة منظمة لها نشاطات استجمامية و تتلقى دعما و توجيها عاما و ذلك بنفس الفترة العلاجية لكلا الفريقين . بعد أنتهاء العلاج أظهر فريق العلاج المعرفي تحسنا ظاهرا على الأعراض الهذائية مقارنة بالفريق الآخر , و ذلك خلال الأسابيع السبع الأولى , و بعد أن تلقى فريق العلاج المعرفي علاجا متمما على مدى 9 أشهر لاحقة فأن 95 % من المصابين خفت لديهم أعراض الهلوسة أو شبه أنعدمت , في حين كانت بنسبة 44 %بالنسبة للمجموعة الأخرى.
أعطى العلاج المعرفي تحسنا بنسبة تتراوح بين 25 – 50 %بعد انقضا طور الخطر عن المرضى الذين تلقوا العلاج و قد سجلت فترة مكوثهم في المستشفى 49 يوما بينما سجل مصابوا المجموعة الأخرى مكوثا لمدة 108 أيام .
*- الخلاصة :
إن الدلائل و البراهين المتزايدة توضح دائما أن للتقنية المعرفية فائدة علاجية كبيرة على حالات الذهان التي تكون بصورة أمتحان الواقع , تصحيح المفاهيم و المعتقدات الزائفة لحالات الهذاء و الهلوسة .
و هناك أيضا المزيد من الدلائل التي تشير الى أن CBT العلاج السلوكي المعرفي يساعدعلى جعل المريض شخصا مدفوعا و مقبلا على الحياة العملية و الأجتماعية , و له ايضا الأثر الكبير في تقليص الأعراض السلبية والمستعصية . و عندما يترافق العلاج الطبي مع العلاج المعرفي فأن ذلك يعود بالفائدة الهائلة على مرض الذهان , و أظهرت الدراسة أن 25 – 50 % من الفوائد الاكلينيكية المكتسبة الناتجة عن العلاج السلوكي المعرفي CBT ,هى من العلاج الطبي , و هذه المكاسب الايجابية لها فاعلية أيضا على المدى البعيد حيث أنها تعمل على تقليص معدل الانتكاس و تقلل الحاجة الى دخول المستشفى للمعالجة مما يتسبب عنه انخفاض في التكاليف اللازمة لنظام العناية الصحية , و أخيرا فأن النتائج الايجابية التي تعطيها التجارب العملية دائما عند ترافق العلاج المعين مع العلاج المعرفي فأن ذلك يكون اشارة اساسية الى أن العلاج المعرفي مع معظم العوامل المساعدة هى المقومات الاساسية الباعثة على التغير , وتظل فسحة الأمل موجودة دائما من حيث أن العلاج المعرفي له خواص عملية و آمنة و مضمونة , و تكون مداخلاته السيكولوجية ذات فاعلية أكبر في حال ترافقت مع العلاج الطبي للفصام , و أصبح موضوع تحديد مدى جدوى أخذ العلاج المعرفي مع العلاج المعين في مراحل مبكرة , على المسار العلاجي الطويل لحالات الأضطراب , يحظى بأهتمام أكبر.
نقله الى العربية :عبدالعزيز الجميعة
معالج نفسي
التعليقات