يجد كثير من الناس صعوبة في معرفة المرض النفسي والشفاء من المرض وذلك لأسباب عديدة منها: الثقافة الضعيفة حول المرض والعلاج النفسي، التدخلات العلاجية الضعيفة، ضعف استخدام التقنيات والفنيات العلاجية، عدم تركيز المعالج أثناء جلسة المعالجة على تثقيف المريض حول المرض الذي يعاني منه.
من أجل هذا تمت كتابة هذه النشرة.
عندما تصاب بمرض نفسي قد تسأل السؤال التالي (كم من الوقت احتاج لعلاج تلك المشكلة أو هذا المرض وأعود كما كنت في السابق).سوف تعاودك العوارض السابقة من وقت لآخر وأنت في مرحلة العلاج وقد تتأرجح تلك العوارض بين الشدة والإرخاء. قد تشعر بالارتياح وتحس بالنشوة والاقتناع بعد مقابلتك أول مرة للمعالج النفسي وتحس بأنك وجدت العصا السحرية أخيراً. ولكن بعد أيام قد تعود مشاعر الخيبة والاكتئاب برغم تحذير المعالج لك بأن ذلك قد يحدث، وذلك لأنك تحتاج وقتاً كافياً كي تتأقلم أفكارك ومشاعرك وسلوكك مع المفهوم الجيد الذي اكتسبته من جلسات العلاج النفسي.
وأضرب لك مثالاً على ذلك (العداء في سباق الجري وبعد وصوله للهدف وكسب السباق نجده يواصل الجري أمتاراً أخرى قبل أن يتوقف).عندما تفهم عزيزي المراجع هذا فإنك تتشجع وتعطي المزيد من الوقت لعملية العلاج وتحقق الشفاء بأذن الله.
عندما تشعر بأن الشفاء أو حل المشكلة قد تأخر ، عليك أن تتقبل ذلك وتبحث مع معالجك عملية تأخر شفائك. قد تجد ذلك صعباً في البداية أن تتقبل وتناقش ولكن حاول فلا تشعر نفسك بالخيبة. ففي البداية يكفي أن تواجه أفكارك نحو التقبل وستجد أن التقبل يأتي مع الوقت.
كذلك قد يستمر شعورك بالخوف برغم رغبتك ألا تشعر به. لا تجزع فإذا كنت تتفهم ما علمك إياه المعالج في مرحلة العلاج فقد خطوت خطوتك الأولى نحو الشفاء.
يكفي في هذه المرحلة أن ترغب في ألا تخاف. وإذا صممت أن تتقبل هذه المشاعر الغريبة برغم استمرار خوفك منها فسوف تتخلص من هذا الخوف تدريجياً لأن قرار التقبل ينفس بعض التوتر وهكذا يخفف من شدة الأعراض التي تعاني منها وهذا بدوره يعطيك الأمل فتبدأ باكتساب الثقة بالشفاء وبعد ذلك تتحرر من الخوف.
• اشغل نفسك:
من الضروري أن تشغل نفسك وأنت تنتظر الشفاء لكن يجدر بي تحذيرك من السعي المحموم وراء الانشغال الزائد في سبيل نسيان مرضك أو مشكلتك. لأن هذا يعد هروباً من المشكلة أو المرض الذي لا تستطيع في الحقيقة أن تهرب منه بعيداً.
أريدك أن تنشغل بينما أنت توجه عوارضك وأن تتقبل إمكانية عودتها من وقت لآخر خلال عملية العلاج والتعافي.
تقبلك لمشاعرك هو الذي يسكنها وعند انشغالك بالعمل يجعلك لا تفكر بها وعند أي فترة من الراحة مهما قصرت تساعد على تسكين الأعراض وانزعاجك النفسي.
• الشفاء التدريجي:
قد يؤخرك الإنهاك الجسدي والفكري الشفاء ولكن برغم هذا فمع تناول الغذاء الجيد وراحة البال وشعورك بها يسرع عملية الشفاء فكل مريض أو صاحب مشكلة نفسية يتعافى بالسرعة التي تتناسب معه وهذا يساعد على سرعة عودة الثقة بنفسه وراحة باله. فالقوة في طرف من أطراف الجسم قد تعتمد على مقدار الثقة التي تستخدمه بها. عندما تفهم أن التفكير الخاطئ يمكن أن يشل بعض الناس ويقعدك في السرير تستطيع أن تدرك كيف يساعد التفكير المتصف بالتردد وقلة الثقة حالة الضعف. فعودة الثقة والقوة الجسمية يسيران يداً بيد.
أحياناً عندما تعتقد أنك شفيت قد تغمرك مجدداً المخاوف القديمة والمشاعر الغريبة بنفس الكثافة كما في البداية فلا تجزع، طالما أن هذا الحدث ليس غريباً فالذكرى لا تزال والجرح لم يندمل تماماً.
قم بهذا البحث إذا شئت فلن تتأذى فالذي شفاك في السابق سيظل يشفيك الآن بالرغم من أي انتكاسات وحتى إذا حصلت تقبلها ودع المزيد من الوقت يمر.
عندما تكتشف القناع الذي تخفى وراءه مشكلتك النفسية فإنها لن تخيفك بعد الآن. لقد أصبحت لديك النواة الداخلية للثقة والقوة لتساعدك على الطفو فوق المخاوف الماضية ولأن هذه الثقة هي وليدة تجربتك الخاصة فلن تفتقدها كلياً. قد تتعثر ولكنك لن تعود للانسحاق الكامل.
بينما أنت تتخلص من خوفك وتستعيد ثقتك بنفسك سوف تفقد الاهتمام بأحاسيسك السلبية وتبدأ تنسى نفسك للحظات ثم لساعات بكاملها وتثيرك الاهتمامات الخارجية فتعود تنضم إلى عالم الآخرين وتعود كما كنت.
• نمط الشفاء:
أنت تشفى إذاً بالمواجهة والتقبل ومرور الزمن. هل ترى بدأت تحفظ هذا النمط ؟ آمل هذا لأنني أريدك أن تعرفه جيداً حتى تجعله جزءاً من نفسك. أريدك أن تفهمه جيداً حتى لتطير أفكارك إليه لدى مواجهتك أي شك أو صعوبة. والعلاج النفسي المعرفي لن يخيب أملك طالما أنت تطبقه بشكل صحيح.
مفاهيم خاطئة حول العلاج النفسي:
1. خلط الكثير من الناس بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي حيث يعتقد الكثير منهم بأن العلاج النفسي هو العلاج الدوائي.
2. يعتقد الكثير بأن العلاج النفسي هو عبارة عن حديث بين شخصين يتم فيها تقديم النصح للمريض فقط أو إعطاؤه حلول من قبل المعالج النفسي.
3. يعتقد الكثير بأن العلاج النفسي هو شيء ثانوي يمكن للطبيب النفسي أن يلجأ إليه إذا استنفد مع المريض جميع أنواع العلاج الموجودة في السوق.
4. يعتقد الكثير بأن العلاج النفسي يستغرق وقتاً طويلاً.
5. يعتقد الكثير بأن العلاج النفسي غير فعال في الشفاء من الأمراض أو تخفيفها.
6. يعتقد الكثير بأن العلاج النفسي ليس مهماً بقدر اهتمامهم بالحصول على الدواء.
7. يعتقد الكثير أنه بالدواء يستطيع التغلب على جميع مشكلاته ويشفى منها.
8. يعتقد الكثير أن دور المعالج النفسي ثانوي وليس له أهمية مثل الطبيب النفسي.
• عوامل إنجاح العلاج النفسي:
1. يقوم المراجع بطرح مشكلته بدقة وبصدق وإذا لم يستطع طرحها يطلب من معالجه أن يساعده كونه يجد صعوبة في ذلك.
2. يتحدث المراجع بكل صدق دون خجل ويحاول أثناء طرحها أن يدرك مشكلته ويتحدث عن معتقداته حول المشكلة وكذلك مشاعره وسلوكه المصاحب لمعاناته.
3. التشخيص الجيد مبني على دقة طرح المشكلة ومصداقية المراجع.
4. وجود الرغبة والأمل في العلاج والشفاء.
5. الاهتمام بعمل الواجبات المنزلية المكلف بها المراجع ودقته في تعبئة تلك النماذج.
6. فهم المراجع لمشكلته وحالته المرضية حسب ما يشرحها له المعالج.
7. فهم العلاج المطبق مع المراجع وطريقة المعالجة.
8. التركيز يكون على معرفة الأفكار والمعتقدات السلبية والمشاعر والسلوكيات المصاحبة بحيث يعبر عنها عند الدخول لجلسة العلاج النفسي.
9. عمل الاختبارات النفسية والشخصية مفيد جداً في تفهم المراجع لمشكلته أو حالته المرضية.
10. مواظبة المراجع على جلسات العلاج وحضوره في الوقت المحدد يعطي الحالة الوقت الكافي للتحدث عن مشكلته وكذلك الراحة والاطمئنان النفسي.
11. خذ الوقت الكافي في معرفة مرضك والعلاج والخطة العلاجية والأهداف التي تم صياغتها مع المعالج.
عبدالعزيز الجميعة – أخصائي نفسي
التعليقات