اعتمدت الدراسة الحالية على إعداد برنامج إرشاد بالاستناد إلى النظرية السلوكية المعرفية خاصة ما جاء به ميكنبوم (Meichnbaum,1977&2003) حول توضيح المفاهيم التي تتعلق بالتحصين ضد التوتر وتوكيد الذات من خلال جمع المعلومات التي توضح حالة المسترشد قبل بدء برنامج الإرشاد لمعرفة الخبرة الشخصية المؤلمة للمسترشد مثل الشعور بالألم أو التوتر أو الغضب والذي يؤثر في صحته النفسية ثم العمل على إكسابه مهارات التوافق من خلال تغيير الأفكار السلبية والتحدث مع الذات أو التعلم الداخلي والعمل على تنظيم المجال الإدراكي لديه والتدريب على التعبير عن المشاعر والأفكار التي تتناسب مع مواقف حياته اليومية ثم تجريب هذه المهارات أو تكرارها في مواقف الحياة ومتابعة تطبيقها.
وللنظرية السلوكية المعرفية تطبيقات وتدخلات علاجية يمكن الاستفادة منها واستخدامها في تعديل سلوك وأفكار الأطفال المساء إليهم كما أنها تتناسب مع العمر الزمني لأفراد عينة الدراسة إذ يعد العلاج السلوكي المعرفي Behavior Therapy Cognitive محاولة هادفة للمحافظة على كفايات تعديل السلوك باستخدام الأنشطة المعرفية للفرد من اجل التعامل مع السلوك(Rendall & Hollan ,1996) . وان العلاج السلوكي المعرفي يمثل ” السلوكية المنهجية” Methodological Behaviorism التي تتمثل بالتطورات الحديثة في علم النفس التجريبي وهي تتضمن الأساليب المعرفية والسلوكية معاً(Hughes,1988)
وتتمثل الأساليب والتدخلات العلاجية للنظرية السلوكية المعرفية في الدراسة الحالية بأسلوبين رئيسين هما:
اولاً:
اسلوب التحصين ضد الضغوط النفسية او التحصين ضد التوتر Stress Inoculation وأسلوب استخدمه ميكينبوم ويقوم على أساس الحديث الداخلي Inner-Speech او المحادثة الداخلية Inner-Dialogue .
ويقول ميكينبوم “ان الاشياء التي يقولها الناس لانفسهم تحدد باقي الاشياء التي يفعلونها”
واشار ايضاً الى ان وظيفة الحديث الذي يتم داخل الفرد هو تغيير للأبنية المعرفية Cognitive-Structure وذلك من خلال عمليات التمثل والتوافق(Meichnbaum,1985) ويعد باترسون (Patterson,1996) الحديث الداخلي احد الانشطة الشخصية كالاستجابات الجسدية وردود الفعل الانفعالية والمعارف والتفكير الواعي . واشار كوري(Corey,2001) الى انه يمكن تغيير الحديث الداخلي من خلال :
1- التعليمات الشخصية المتبادلة : وهي التعليمات الذاتية المشتقة من تعليمات الكبار التي يستخدمها الطفل ويحفظها بصورة تراكمية.
2- بنية الحوار الداخلي: وهي الوظيفة الثانية للحوار الداخلي في التاثير على البنى المعرفية وتغييرها وهذا التغيير يتم من خلال الامتصاص او الازاحة او التكامل.
إن التحصين ضد الضغوط النفسية او التحصين ضد التوتر Stress Inocculation هو الأسلوب الذي يهيئ للمسترشد فرصاً للتعامل مع مواقف مثيرة للضغط متوسطة نسبياً ويقوم المسترشد بالتدريج بتطوير قدرة تحمله لدافع ومثير أقوى، ويستند هذا التدريب على أساس انه بالإمكان التأثير على قدرتنا الاحتمالية للتعامل مع الضغط من خلال تعديل معتقداتنا وعباراتنا الذاتية في مواقف الشدة والضغط ، وان التدريب على التحصين ضد التوتر يمر بثلاث مراحل تدريبية هي:
• المرحلة الاداركية Conceptual Phase في هذه المرحلة يتم التركيز على خلق علاقات عمل وفهم أفضل لطبيعة الضغط وإعادة صياغة للمفاهيم.
• مرحلة اكتساب المهارات Skills Acquisition and Rehearsal في هذه المرحلة يتم التركيز على تقديم اساليب وتقنيات متنوعة من السلوكيات والمعارف التكيفية Behavioral and Cognitive Coping لتطبيقها على المواقف الضاغطة.
• التدريب والتخطيط لطرق تخفف من الضغط: مثل تقديم المعلومات وحل المشكلات والاسترخاء والرقابة الذاتية. وذكر (عصفور,1994)
إن الاساليب المعرفية لعلاج السلوك عند ميكينبوم هي:
الانتباة الى العناصر المكونة للمشكلة – والتحدث الى الذات بالفاظ وابنية معرفية دقيقة – ومساعدة الفرد على ان يتخيل نتائج معالجة المشكلة – ومساعدة الفرد على استحضار صورة ذهنية لشخص يؤدي الأداء المستهدف وتخيل ما يحرزه من نتائج ايجابية – ومساعدة الفرد على التحدث عما يتحقق لديه اذ ما تخلص من الأعراض السلبية – وتادية الفرد وبصوت مسموع ما يريد القيام به لمعالجة الأسباب المرتبطة بالمشكلة – وتقديم التعزيز الذاتي لتحقيقه وأداء السلوك المستهدف.
ثانياً:
اسلوب التوكيد الذاتي: يعد التوكيد الذاتي في النظرية السلوكية المعرفية أسلوبا مهماً في حماية الأطفال من الإساءة إليهم.ويعرف التوكيد الذاتي بأنه مجموعة متنوعة من الأساليب والإجراءات المعرفية والسلوكية التي تهدف إلى تعديل معرفي وسلوكي لدى الأفراد وتدريبهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة ملائمة دون انتهاك لحقوقهم (فرج,1998) .
وان اكتساب مهارة توكيد الذات عند المُساء إليه تبدو من خلال المظاهر الجسمية الخارجية الآتية:
التواصل البصري ووضع الجسم والايماءات وتعبيرات الوجه ونغمة الصوت والطلاقة اللفظية وترك مسافة مناسبة عند التحدث مع الآخرين (Meichnbaum,1985). وأشارت الخطيب(1988) الى تعريف آخر قدمه جاكوبوسكي سنة 1973 بأن التوكيد الذاتي هو التعبير عن الذات إذ يدافع الفرد عن حقوقه الإنسانية الأساسية دون التعدي على الحقوق الأساسية للآخرين. في حين يرى فورمان (Forman,1993) أن التدريب التوكيدي هو نمط من أنماط التدريب على المهارات الاجتماعية التي تركز على أن يتمثل الفرد بذاته وان يشعر بالمتعة أثناء تفاعله مع الآخرين دون المساس بحقوق الآخرين.
وهذه التعريفات في معظمها تشير إلى أن تأكيد الذات يتضمن بشكل واضح التعبير عن الذات واحترام حقوق الآخرين بالإضافة إلى استجابة الفرد المؤكدة وان هذه الاستجابات ترتبط بمواقف محددة.
اما الاسباب التي تدفع الفرد الى ان يؤكد ذاته فتشمل:
الشعور بالاحترام للنفس والآخرين وتوافر مشاعر أفضل لدى كلا الجانبين وكذلك عندما تكون الاستجابة المؤكدة افضل من غير المؤكدة ويميل الفرد الى تقديم استجابات مؤكدة في بعض المواقف مثل احساس الفرد ان المخاطر كبيرة
اما الاستجابات غير المؤكدة فتاخذ شكل المواقف التالية:
1- طلب الخدمات: الاشخاص غير التوكيدين يجدون صعوبة في ان يطلبوا مساعدة من الآخرين.
2- رفض الطلب: الاشخاص غير التوكيدين يميلون لان يقوموا باعمال كبيرة لا يريدون في الحقيقة القيام بها.
3- الموافقة مع الآخرين: الاشخاص غير التوكيدين يتفقون مع الآخرين فيما يذهبون اليه وذلك للمحافظة على السلام والهدوء.
4- البدء بالمحادثات ومعرفة ماذا يقال: الاشخاص غير التوكيدين يميلون الى الانطوائية والخجل ولديهم تصور انهم لا يعرفون ماذا يقولون او يفعلون اذ قابلوا اناساً آخرين.
5- المجاملات: الاشخاص غير التوكيدين يجدون صعوبة في التفاعل بشكل مناسب للطريقة التي يشعرون بها نحو الآخرين.
6- تلقي المجاملات: الاشخاص غير التوكيدين عادة يملكون درجة منخفضة من تقدير الذات لذلك يجدون صعوبة في تصديق المجاملات.
7- تقديم الشكوى: الاشخاص غير التوكيدين يجدون صعوبة في التعبير عن تذمرهم (الخطيب, 1988).
التعليقات