الإرشاد السلوكي في الأزمات أسلوب التحصين التدريجي في العلاج الجماعي (سلب الحساسية المنتظم) – دراسة حالة

قاصب بوعلام/ أخصائي نفساني

 

1. اعتبارات هامة في العلاج الجماعي:

– الأطفال الصغار لا يتكلمون بسهولة و وضوح عن مشاكلهم الداخلية فهم ليسوا على وعي تام بها، و كلما كان الطفل صغيرا كلما كان مضطربا بشدة، و كلما كان عاجزا عن المساهمة و التعبير في مناقشات لفظية حول مشاعره و مشكلاته.

– كذلك من الصعب كسب ثقتهم، و خاصة أولائك الذين يشعرون بسوء معاملة الآباء، فيفتقدون الثقة في الكبار جميعا، فالعلاج الجماعي يفيد أمثال هؤلاء الأطفال.

– الجلسة الجماعية تتيح التعبير الصادق فيما بين الأطفال و يصبح الأطفال في حالة استجابة لبعضهم البعض، و يستجيبون لأية محاولة لمساعدتهم.

– كما أن الأطفال في الجماعة يكتسبون أحيانا الشجاعة في القيام بعمل الأشياء التي هم في العادة يبتعدون عنها، فالعلاج الجامعي بما يتضمنه من معالج متسامح و رفقاء يعانون من نفس المشكل، تعتبر الجماعة منطقة أمان بالنسبة للطفل وسط حياة شديدة الزحام، و الحركة و يستطيع فيها أن يتصرف بحرية.

– العلاج الجماعي هو منهج، و طريقة لمساعدة الطفل الإنسحابي ليتعلم سلوكيات اجتماعية، و يجب أن تكون المجموعة صغيرة و أن تشمل على أطفال مسالمين، و ليسوا مخربين.

– كما يفيد كثيرا الأطفال الكسالى و ذووا الشخصيات الإنفصامية . فهؤلاء يعجزون عن التعبير عن مشاعرهم و إقامة صداقات و علاقات اجتماعية، لهذا فهم بحاجة إلى الجماعة لتخرجهم من عزلتهم و تساعدهم على النشاط و الحيوية، و كذلك الشخصيات الغير ناضجة نتيجة للحماية الزائدة و التي أدت بهم إلى السلوك الطفلي.

– و الأطفال الذين يعانون من مخاوف شديدة مثل (الخوف من الكلاب أو الأصوات العالية )، فالعلاج الجماعي يتيح لهم مواجهة المواقف التي تعودوا الهروب منها.

– و الأطفال ذوي العادات السيئة الذين يمصون الأصابع، أو يقضمون الأظافر، أو يعانون من نوبات الهلع، هذه العادات تعبر عن رغبة نحو الاستقلال و التعبير عن الذات بحرية، فمثل هؤلاء الأطفال يستفيدون أكثر من العلاج الجماعي الذي يمنحهم فرصا كثيرة للاعتماد على الذات بصحبة الآخرين و مع معالج مشجع للقيام بالسلوك الاستقلالي.

– أما النماذج العدوانية، حيث يميل الأطفال إلى القسوة، و العدوانية و التخريب، و يظهر سلوكهم العدواني في المنزل، أو المدرسة، أو مع الجيران، يعتبر العلاج الجماعي انسب أنواع العلاج لمثل هؤلاء الأطفال.

– و على الرغم من كل هذه المزايا المفيدة في كثير من اضطرابات الأطفال، إلا أن هناك من الاضطرابات من يعرقل سير العملية العلاجية، و التي منها:

 حالات الكراهية الشديدة بين الإخوة، فالعلاج الجماعي يصعب استخدامه مع هذه الحالة، لأن الطفل و الحالة هذه يعتبر جميع الأطفال المتواجدين في المجموعة بمثابة بديل للإخوة، و بالتالي يعاملون على ذلك الأساس، كما يشجعهم و الحرية على إظهار العداء لهم بشدة، و يصبح زملائهم ضحايا لهم.

 الأطفال الذين لدهم بلادة الانفعالات، و العواطف مع الأنانية، لا يستحب استخدام معهم العلاج الجماعي، لأنهم يمكن أن يقدموا على ارتكاب أفعال غاية في القوة داخل الجماعة دون قلق أو شعور بالذنب، و يخلقون جوا من الكراهية بين الزملاء و يعيقون التقدم في العلاج.

 هناك كذلك أطفال ذوي الاتجاهات الجنسية الزائدة، أو الشاذة. هؤلاء الأطفال يبدوا عليهم اهتمام مبكر بالجنس، و بالنشاط الجنسي، فقد يثيروا الاتجاهات الجنسية الكامنة في الآخرين، أو قد يحرضوا الأطفال الآخرين على القيام بأفعال غير مستحبة، لهذا من الأفضل إخضاعهم لعلاج فردي خاص.

 أما في حالات السرقة المتكرر، لا يمكن استخدام العلاج الجماعي، لأن الإصرار على السرقة من الإعراض المعارضة لقيم المجتمع، و تساعد على تكوين شخصية سيكوباتية لدى الطفل في المستقبل، و يمكن أن ينقل الطفل هذه السلوكات إذا كان داخل الجماعة، لهذا من الحسن إخضاعه للعلاج الفردي العميق.(1)

 

2. عرض حالة: للإشارة، أطفال هذه المجموعة التي قامت عليها الدراسة من الوسط الجزائري تعرضوا إلى مواقف صدمية شديدة . درجات التعرض للصدمة تختلف من طفل لآخر إلى أنهم يشتركون في نفي الموقف المتعرض له، و المتمثل في (التعرض لأعمال إرهابية عنيفة). و استخدم معهم تقنية سلب الحساسية أو ما يعرف بالتحصين التدريجي(Systemic Desensitization). إذا حجم العينة يتكون من (08) أطفال، (4 ذكور و 04 إناث)، تشترك معايير العينة فيما يلي:

1. نوعية الاضطرابات و أهمه القلق و أعراضه.

2. السن المتقارب (من 09 سنوات إلى 11 سنة).

3. المستوى التعليمي المتقارب (الابتدائي).

4. الرغبة للانضمام إلى الجماعة العلاجية.

 

و فيما يلي تقديم مختصر عن أفراد الجماعة:

 فاطمة: 10 سنوات من العمر، تدرس في السنة الخامسة أساسي، تعرضت لهجوم إرهابي في بيتهم، أخذت أمها و ضربت فاطمة و كسرت يدها، و أهم عرض تميزت به هو تجنب الحديث عن الحادث و الإحساس بالتشاؤم و المستقبل المسدود و صعوبة النوم مع تقطعه، صعوبة في التركيز و الخمول و القلق الشديد مع الإحساس بالضيق النفسي.

 إسماعيل: 09 سنوات من العمر، يدرس في السنة الرابعة أساسي، واجه اعتداء على عائلته في المنزل و قتل الأب. حالة تتميز بالخوف خاصة في الليل، صعوبة في النوم مع التخيلات، الإحساس بالاختناق، القلق الحاد عند تذكر الحادث.

 سمير: 10 سنوات من العمر، يدرس في السنة الرابعة أساسي، شاهد عمه مقتولا و المنزل مليء بالدم، فهو دائم التجنب للأفكار المرتبطة بالحادث، مع صعوبة النوم، و الخوف الشديد في الليل و الأحلام المزعجة مع القلق الحاد، و النظرة التشاؤمية من المستقبل.

 أحلام: 09 سنوات من العمر، تدرس في السنة الرابعة أساسي، شاهدت مظهر اختطاف أبيها وقتله، لذا فهي دائمة الغضب و الانزعاج و الشعور بالخوف من الظلام، و الخوف من تكرار الحادث و القلق الشديد عند تذكر الأب مع الأحلام المزعجة.

 نسرين: 10 سنوات من العمر، تدرس في السنة الخامسة أساسي، اغتسل أبوها، و عذبت أمها، خطف أخوها. تعاني من الأحلام المتكررة بالحادث الصدمي، و الإحساس بالقلق، الضيق التنفسي، الشعور بالخوف خاصة في الليل مع صعوبة في النوم و البكاء عند تذكر الأب.

 إيمان: 11 سنة من العمر، تدرس في السنة الخامسة أساسي، مات أخوها إثر انفجار قنبلة، وشاهدت مقتل عمها و أبنائه، تتميز بضيق التنفس، و تجنب الأفكار المرتبطة بالحادث، صعوبة في النوم و التركيز، و الخوف من عودة الإرهاب مع القلق الحاد.

 إبراهيم: 11 سنة من العمر، يدرس في السنة السادسة من أساسي، عاش هجوما إرهابيا على الحي الذي يسكنه و مشاهدته الأحداث الإجرامية، يعاني القلق الحاد، عدم الاستقرار و كثرة الحركة، عدواني، لديه الإحساس بالخوف و الحزن و كثرة البكاء.

 يحي: 11 سنة من العمر كذلك، يدرس في السنة الخامسة أساسي، اختطف أبوه و قتل، أخوه كذلك، و اقتحم منزلهم و حرق، يسترجع كثيرا ذكريات الحادث مع الأحلام، و الكوابيس و الضيق التنفسي.

 

تم اللقاء مع المجموعة بمعدل حصتين كل أسبوع و تدوم الحصة حوالي 45 دقيقة.

• الحصة الأولـى: أجريت الحصة الأولى في قاعة كبيرة تحتوي على طاولة مستديرة وتسعة كراسي يجلس عليها الأطفال حول الطاولة. في البداية رحب بالأطفال و طلب منهم الجلوس، و عرفت المختصة بنفسها، ثم طلبت منهم تقديم أنفسهم لبعضهم البعض فيما يخص: الاسم، و السن، و سبب الالتحاق بالمركز. و من خلال هذا التعارف والتقارب فيما بين الأطفال، و فهموا أن سبب التحاقهم بالمركز هو سبب مشترك فيما بينهم “هو الأزمة التي عاشوها جراء الأعمال العنيفة”. تميزت هذه الحصة بكثرة الحركة و الضجيج، كان من المهم حثهم على الالتزام بالهدوء و النظام، حتى يبدأ العمل و يستمر. بعد ذلك ساد الهدوء لتتدخل المختصة شارحة للأطفال مضمون العلاج الذي سيقدم لهم و الهدف منه، توضيح الهدف المشترك بينهم، فلاحظت حيرة الأطفال لنوع المساعدة التي يمكن أن تقدم هم، رغم ذلك أبدوا رغبتهم في العلاج، و التشوق لمعرفة أهميته، و ماذا سيطبقون فيه، و ذلك من خلال الأسئلة الكثيرة حول البرنامجين و أهدافه، و هل فعلا يستطيع أن يتخلص من القلق. عندها أكدت لهم المختصة أنه إذا تمكنتم من التدريب على خطوات العلاج (سلب الحساسية المنتظم)، فإنه سيساعدهم على التخفيف من مشاعر القلق لديهم، و أخيرا قامت المختصة بمناقشة توقعات الأطفال من هذا العلاج، و التي كانت نهما تقول إيمان: “لدي رغبة كبيرة في إتباع خطوات العلاج التي شرحتها لنا، لأنني أعاني كثيرا من الصدمة التي تعرضت لهما.” و تقول فاطمة الزهراء: “إنني أتوقع من العلاج الذي سوف يقدم، أن يعطي نتائج جيدة، و أتخلص مما خلفه الإرهاب فينا.” و أهم ما ركزت عليه الأخصائية في الحصة و التي دامت 55 دقيقة، أن يفهم و يعي الأطفال بالمشكل المشترك الذي يعيشونه و أن يستوعبوا و لو ببساطة نوعية العلاج المقدم لهم، و حثهم على الانتباه و التركيز و الالتزام بالحضور من بداية الحصص إلى آخرها و التمرين الجيد على خطوات العلاج و أن لهذا البرنامج نهاية كما له بداية. أما الهدف الجزئي من هذه الحصة، هو كسب ثقة الأطفال و التي اتضحت من خلال إلحاح الأطفال على موعد الحصة العلاجية المقبلة، و خلق جو تفاعلي فيما بينهم.

 

• الحصة الثانية: قامت الأخصائية بتلخيص أهم تم القيام به في الحصة السابقة، و قدمت لهم مقياس “تايلور” لقياس القلق الظاهر للأطفال مع تبسيطها لمضمون العبارات، حتى يتمكن الأطفال من الإجابة و ذلك بهدف معرفة درجة القلق التي تعاني منها المجموعة، و محاولة معرفة مدى مساهمة العلاج في التخفيف من درجة القلق عند نهايته. و لقد تبين من خلال الجدول الآتي أن قلق هؤلاء الأطفال يتراوح من قلق فوق المتوسط إلى قلق شديد.

الإسم أمين سمير أحلام إبراهيم فاطمة نسرين يحي إيمان

الدرجة 38 36 34 33 33 27 26 24

 

• الحصة الثالثة: قامت المختصة بتلخيص ما قامت به في الحصة السابقة، و كيف عبر الأطفال عن قلقهم من خلال عبارات المقياس، و كيف أثر على حالتهم النفسية، و قام كل طفل بتلخيص موجز عبر فيه عن القلق و عن أعراضه الخاصة به. في هذه الحصة بدأ البرنامج العلاجي في الناحية العملية، حيث قامت المختصة بتطبيق أول خطوة من التقنية العلاجية (سلب الحساسية المنتظم). شرحت لهم باختصار هذه التقنية، و ما هي خطواتها و استعملت البساطة و الوضوح ليتسنى للأطفال استيعابها، و أنه إذا اتبعنا خطواتها بدقة ستقود إلى التخفيف من أعراض القلق لديهم، و أنها تعتمد أربع مراحل، نطبق كل مرحلة منها في حصة علاجية منفردة حيث ستبدأ بتمرينات التنفس، ثم إعداد مدرج القلق، و بعدها ترتيب المنبهات التي تثير القلق، و أخيرا التعرض لهذه المنبهات المثيرة للقلق عن طريق التخيل. و قامت المختصة بتدريب الأطفال تقنية التنفس لمدة حوالي (15 دقيقة). ” أغلق عينيك، اقطع التنفس، أتنفس بشدة، أرخ النفس و أرخ عضلاتك، و لا تفكر في أي شيء.” مع الطلب منهم التدريب على هذا التمرين في الأوقات الأخرى (كواجب منزلي) و التأكيد على ذلك.

 

• الحصة الرابعة: بعد تقديم ملخص عن الحصة السابقة، قامت المختصة بتدريب الأطفال تمرينات التنفس لمدة 15 دقيقة قبل الشروع في المرحلة الثانية من تقنية (سلب الحساسية المنتظم). ثم طلب من كل طفل أن يحكي عن وقائع الحادثة التي عاشها أثناء الهجوم على المنطقة، ثم يحدد الأوقات و المواقف التي يحس فيها بالقلق حتى تستطيع المختصة تحديد مدرج اللقلق بتسجيل كل ما يقوله الأطفال، حتى تساعدهم على تحديد المنبهات، و كانت المشاركة عامة بجو تفاعلي بين الأطفال حتى يستطيع من يلتزم بالصمت التعبير عن معاناته. و انطلاقا من تصريحات الأطفال و المعلومات المعطاة، تم تحديد أهم المنبهات المثيرة للقلق و التي كانت مشتركة فيما بينهم، و تمثلت فيما يلي (بعد أن أطلق العنان لتفكيرهم لمدة 10 دقائق).

– رؤية شخص يشبه الإرهابي.

– رؤية الدم. عند التحدث عن الإرهابيين.

– سماع صوت مخيف أو نباح كلاب.

– عندما يكون الطريق فارغ و خال من الناس.

– عند قدوم الليل.

– عندما يتذكروا وقائع الأحداث المؤلمة.

– بعد العشاء عندما تطفئ الأم الضوء، و يذهب كل واحد للنوم.

– الخوف من الظلام.

– الخوف من انفجار قنبلة.

و اتفـق الجميـع علـى الـذي لا يحسـون فيــه بالقلق علــى أنــه: – عندما نكون في البيت مع كل أفراد العائلة، نحس بالأمان….

 

• الحصة الخامسة: بعد القيام بتلخيص ما تم القيام به في الحصة السابقة، درب الأطفال على تمارين التنفس لمدة 15 دقيقة، و بعدها قدمت المختصة للأطفال المنبهات المثيرة للقلق التي أعدت سابقا و طلب منهم ترتيبها من أعلى منبه إلى أقل منبه، حيث يوضح الموقف الأعلى إثارة في أعلى درجة، وهكذا حتى نصل إلى أقلها إثارة للقلق (ترتيب تصاعدي)، (مدرج القلق). و كان ترتيب الأطفال للمنبهات على النحو التالي:

– ليلة الهجوم على المنطقة و تذكر تلك الأحداث الأليمة.

– أشعر بالقلق عندما أتذكر يوم الهجوم على بيتنا و أخذ أمي و ضربوني.

– عند رؤية شخص يذكرني بالإرهاب أحس بالقلق. أشعر بالقلق عندما أرى الدم، أو شخص يبكي وحزين.

– أحس بالقلق عندما أسمع الناس يتحدثون عن الإرهاب.

– عندما أسمع صوت الرصاص، أو صوت غريب أو نباح الكلاب.

– عندما أنهض من الليل، و أريد الذهاب إلى المرحاض أقلق.

– عندما تطفئ الأم الضوء و يذهب كل واحد إلى فراشه.

– أحس بالقلق في المساء عندما تبدأ الشمس في المغيب.

– عند عودتي من المدرسة أحس أن هناك شخص يتبعني، فأقلق.

– في الطريق و أنا ذاهب إلى المدرسة في الصباح الباكر و الطريق فارغ و خالي من الناس، أشعر بالقلق.

– عندما أصل إلى المدرسة و أدخل إلى القسم أحس بالقلق.

– أشعر بالأمان عندما أكون في البيت مع كل أفراد عائلتي.

 

• الحصة السادسة: تم تلخيص للأطفال ما تم القيام به في الحصة السابقة، و درب الأطفال على تمارين التنفس لمدة 15 دقيقة، ثم طلب منهم مستخدمي التخيل أن يتصوروا أنفسهم في المواقف التي تقدم لهم، بحيث تبدأ من أقل إلى أعلى درجة للمنبهات، و عندما يبدأ كل طفل الإحساس بالقلق في أي موقف من المواقف أن يرفع يده لمدة (10 ثواني)، استجابات الأطفال كانت عادية في المنبه رقم (12) و (13) و عند(10) و (09) رفع إبراهيم،أمين وفاطمة أيديهم، أي أحسوا بالقلق. و عند المنبهات رقم: (08)، (07)، (06) رفع الجميع أيديهم، و في (04)، (05) قال سمير: “لا أستطيع التخيل، لا أستطيع تذكر الدم و الإرهابيين.” و لكن لابد من التركيز و إتمام كل المنبهات. و في المنبه (02)، (01) رفع الجميع الأيدي، أما نسرين بدأت تبكي لأن المنبه يذكرها باغتيال والدها. المهم أن جميع المنبهات تثير القلق لدى الأطفال بدرجات مختلفة خاصة عند المنبهات (01)، (02)، (03)، (04)، (05) فتم تقديمها للأطفال عدة مرات، كل مرة في حصة علاجية واحدة مع التركيز خاصة على إعادة تكرار المنبهات الأكثر إثارة للقلق. و في كل حصة كان يكرر فيها المدرج بدأت تنطفئ بعض المنبهات (لا يرفع فيها الأطفال أيديهم). – أشعر بالقلق عندما أنهض من الليل و أريد الذهاب إلى المرحاض. – في الطريق و أنا ذاهب إلى المدرسة و الطريق فارغ. – عندما تطفئ الأم النور و يذهب كل واحد إلى فراشه و انطفاء بعض السلوكات مثل كثرة الحركة و البكاء و عدم القدرة على التركيز و الإحساس بالاختناق.

 

• الحصة السابعة: بعدها تم تقديم للأطفال مقياس “تايلور” الذي قدم في بداية العلاج، و بطريقة مبسطة و واضحة حيث تراوحت النتائج من: (13) و (12)، أي من قلق منخفض إلى قلق متوسط حسب الجدول التالي:

الاسم أمين سمير أحلام إبراهيم فاطمة نسرين يحي إيمان

الدرجة 21 19 20 18 19 16 15 13

 

• الحصة الأخيرة: تم اللقاء مع الأطفال بعد (03) أسابيع من نهاية الحصة الأخيرة، لمناقشة فوائد البرنامج المقدم لهم، حيث لوحظ تحسن كبير فيما يخص اختفاء بعض السلوكيات مثل: العدوانية فيما بينهم، وكثرة الحركة، و عدم القدرة على التركيز، كما اختفت مظاهر الانطواء، و الخجل، و عدم القدرة على التعبير التي كانت في البداية، نظرا لفعالية العلاج الجماعي المقدم لهم. حيث قال سمير: “بأن اندماجه في الجماعة سمح له بالتعبير عن معاناته النفسية ففي البداية لم أستطع التعبير و لا التحدث عن المشهد الذي أثر في كثيرا”. لقد سمح الموقف العلاجي من خلق جو من التفاعل بين أعضاء الجماعة العلاجية، و أدى إلى إحداث تغييرات إيجابية فيما يخص بعض مظاهر القلق، و اقتنوا بأن لديهم مشكل مشترك و هدف واحد، ألا و هو التخلص من القلق. كما أن تقنية “سلب الحساسية المنتظم” التي طبقت في إطار العلاج الجماعي، كانت لها فعالية في تعليم الأطفال “تقنية التنفس” المضاد للقلق، بالإضافة إلى التعرض للمواقف المقلقة عن طريق التخيل و تكرارها ساعد على اختفاء بعض مظاهر القلق، و التي كانت مرتفعة جدا من قبل.

 

المرجع: الدكتور بوطاف علي. جامعة الجزائر.